الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ورقة وقلم فى حجرة مغلقة

ورقة وقلم فى حجرة مغلقة

فى عصر المعلومات الذى نحيا فيه تحيطنا المعلومات والاخبار من كل جانب واتجاه، مواقع وتطبيقات الكترونية متعددة تأتى لنا بالمعلومة فى ثوان معدودة، بالإضافة الى تطبيقات شبكات التواصل الاجتماعى فنتواصل مع الاهل والاصدقاء فى أى وقت وفى اى مكان، محركات البحث باتت أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها، ففى اى لقاء أو اجتماع أو حتى اثناء مشاهدة التلفاز أو قراءة كتاب نحتاج لها للتأكد من معلومة أو للاستفاضة فى التعرف على تفاصيلها فتأتينا فى ثوان قليلة فى شكل نص مكتول أو مقطع مصور أو ملف صوتى، كل هذا رائع وجميل اذا احسن استخدام تلك الادوات ولكن بالتأكيد يوجد جانب سلبى للإغراق فى استخدامها.



يتمثل هذا الجانب السلبى فيما تسببه من كسل عقلى فى التفكير وضعف فى الذاكرة، ما الداعى للتفكير اذا كانت المعلومات متاحة وخاصة مع وجود تطبيقات تحلل وتجمع وتلخص المعلومات مثل تطبيق الـ ChatGPT, ولماذا نلجأ للذاكرة البشرية ونستخدمها طالما ذاكرة الحاسب أو الهاتف موجودة.

حدث ان كان حجة الاسلام الامام ابى حامد الغزالى مسافرا فقطع عليه مجموعة من اللصوص الطريق، وأخذوا مخلته التى فيها كتبه وكراريسه ظنًّا منهم أن فيها نقودًا ومتاعًا، وساروا فى طريقهم، فتبعهم أبو حامد وأخذ يلحُّ عليهم أن يعطوه أوراقه وكتبه التى هاجر من أجلها ومعرفة ما فيها؛ وقال لهم: خريطتى لا تُفيدكم بشيء أعيدوها إلي، فقال له رئيسهم: وماذا فى الخريطة؟ قال: كتُبي: علوم درستها وهى محفوظة فى هذه الخريطة فضحك كبير اللصوص وقال له: كيف تزعم أنك عرفت عِلمها وعندما أخذناها منك أصبحتَ لا تعلم شيئًا وبقيتَ بلا علم، ولم يلبث كبير اللصوص الا ان اشفق عليه وأعاد له كتبه ويقول الامام الغزالى فى هذا الموقف « هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدنى به فى أمري، فلما وافيت طوس أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين حتى حفظتُ جميع ما علقتُه وصرت بحيث لو قطع عليَّ الطريق لم أتجرد من علمي.» اى انه تعود على حفظ كل ما لديه من علوم فلا يشعر بهذا الشغور مرة اخرى.

والآن عزيزى القارئ، احضر ورقة وقلما واذهب بهما الى حجرة فارغة من اى أدوات تكنولوجية واغلق عليك بابها وحاول كتابة ما تعرفه من معارف وعلوم بدون معاونة أدوات عصر المعلومات وحينها فقط ستعرف حجم وقيمة ما فى عقلك وذاكرتك بعيدا عن كل تلك الادوات المساعدة، والقرار لك.