الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كيس اللب

كيس اللب

عشاق اللب يبدأون فى القزقزة ربما قبل أن ينتهى البائع من وضع اللب فى الكيس،يلتقطون بعض حبات من المعروض فيما ينظرون بنشوة إلى عملية وزن الكيس قبل استلامه، بعد ذلك لا يتوقفون عن التهام حباته حتى يفرغ الكيس تمامًا، وهنا يبدأون فى الحبث عن حبة هنا  أو حبة هناك وبعد التيقن من عدم وجود أى حبات إضافية، ينفضون أيديهم ويفكرون فى شراء كيس جديد بدون النظر لاعتبارات آلام البطن أو انتفاخها،ربما يوقفهم سعر الكيلو أو بعد «مقلة اللب» ولكن تظل الرغبة بداخلهم لا تنطفئ جذوتها أبدًا.



أما فى عالم شبكات التواصل الاجتماعى فإن الكيس لا يفرغ، كيس يحمل أخبارا وصورا ومقاطع مصورة وآراء وافتراءات وحقائق، يتم ذلك من خلال التصفح المحموم المستمر،هذا التصفح أصبح أسهل وأكثر جاذبية، يكفى أن تحرك إصبعك إلى أعلى ليأتى إليك الجديد من أسفل، هذا الجديد الذى ما أن تقع عيناك عليه حتى تلتهمه فى ثوانٍ معدودة، تلتهمه عيناك وأذناك وعقلك وقلبك ووجدانك وشعورك ولا شعورك أيضًا، ثم ما تلبث أن تشعر برغبة ملحة فى أن تكون لك إضافة، أى إضافة فى هذه الحلقة المفرغة اللانهائية، علامة إعجاب أو تعليق أو منشور جديد، لا يهم الهدف، فالمشاركة هى الهدف فى أغلب الأحوال، فمن صورة طبق السلاطة وصور الطفولة والحكم والآيات القرانية إلى حكايات وأخبار وآراء، بهدف أو بلا هدف، الهدف أن تستمر الحلقة فى الدوران، أى أن تستمر القزقزة إلى الأبد.

لا يوقفك عن الاستمرار إلا بعض الأمور البسيطة غير المهمة كأن تخلد إلى النوم لسويعات أو تضطر إلى الحديث إلى شخص حقيقى يقف أمامك أو تضطر إلى الانتباه إلى حديث فى اجتماع عمل أو إلى عظة دينية فى إحدى دور العبادة أو تضطر إلى الاستحمام يومًا ما، وفى كل تلك الحالات الاضطرارية الاستثنائية لا يكون ذهنك خاليًا، بل تفكر فى كيف يمكن أن تسترق السمع أوتلمح بطرف عينك ما يدور فى الحلقة المستمرة فى الدوران والتجدد وتفكر فى كيفية وإمكانية الاستمرار داخلها وأنت تفعل الأمور السابقة، ربما تجد حلولًا فى بعض الحالات ولكن لا أعتقد أنك ستجد أسلوبًا للاستمرار فى المتابعة وأنت ترى ملك الموت أمامك ليخبرك بأن «الكيس خلص».