الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ملاعيب شيحة

ملاعيب شيحة

هو جمال الدين شيحة، أحد أصدقاء الظاهر بيبرس، اشتهر بالدهاء والمكر والتنكر والاحتيال ومع مرور الزمن نسى المصريون «شيحة» الحقيقى وتحول إلى شخصية أسطورية ارتبطت بالخديعة واختلاق المواقف وخداع الناس، وانتشر العديد من الروايات والحكايات عن «ألاعيب  شيحة» أو «ملاعييب شيحة»، والحقيقة أنه وعلى الرغم من أن تلك الحكايات تثير الإعجاب أحيانًا كثيرة فإن النظر إلى من تمت تلك الالاعيب فى حقه ستجعلنا نشعر بالضيق والغضب وربما الاحتقار لشيحة وملاعيبه.



تكمن الكارثة فى افتنان البعض بتلك الحيل وتسميتها بمسميات أخرى، كالذكاء وسرعة البديهة والنصاحة وغيرها من المسميات الخاطئة التى تستخدم أحيانًا لتغطية وتغيير مدلول الفعل الحقير، تمامًا مثلما يطلق البعض مصطلح «مشروبات روحية» لوصف الخمور أو «مثلية جنسية» لوصف الشذوذ الجنسى المحرم.

أحيانًا يتم اطلاق مقولة أن «اخذ الحق صنعة» وذلك لتبرير اى أسلوب ملتوٍ يستطيع صاحب الحق من خلاله الحصول على حقه أو استرداده من مغتصبيه، وهو أسلوب وإن رأه البعض مباحًا إلا أنه ليس كذلك، فلا يمكن استخدام الخديعة والكذب والمكر للحصول على حق، فالحق إن لم يأت بالطرق السليمة فإن رب العالمين قادر على الاتيان به دون اى مجهود.

تكمن المشكلة الأكبر فى إحساس بعض الآباء والأمهات بأن هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل لتسليح أبنائهم للمستقبل، وهى كارثة كبرى فالطفل كالصفحة البيضاء، وما يسطره الأهل فيها يبقى ولا يتغير، ربما يزداد سوءًا ولكن نادرا ما يختفى أو ينمحى منها.

ولكن هل معنى ذلك أن نتوقف على رصد «ملاعيب شيحة» متى وجدناها؟ الإجابة المختصرة هى «لا»، فمعرفة الخديعة وأساليب التآمر يمكن أن تحمى من يعرفها من أن يقع فريسة أو ضحية لمن يقوم بها ولكن ليس معنى ذلك أن يتحول الى كاذب أو مخادع أو متآمر، ولسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه مقولة شهيرة «لستُ بالخُبِّ، ولا الخب يخدعني»، ومعناها ببساطة انه ليس محتالا أو مخادعا ولكن المحتال او المخادع لا يستطيع أن يخدعه، ببساطة لأنه يعرف اساليبهم وطرق تنفيذ تلك المكائد.

أما من وقع فى الخديعة مرة فإنه يجب ألا يقع فيها مرة أخرى مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صحيح البخارى حيث يقول «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» صدق رسول الله.