الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
بلدى أوى يا حسين!

بلدى أوى يا حسين!

أتتذكرون الأفيه الشهير «بلدى أوى دى يا حسين» والذى قالته إحسان شريف أو (بهيجة) لعمر الشريف فى فيلم «إشاعة حب»، رداً على مجاملته ومغازلته لها وهى تصعد السلم بعد أن أهداها باقة من الزهور،: «يا أرض احفظى ما عليكى»، فى محاولة منه ليبدو أمامها «جنتل مان» وذوق، تذكرت هذا المشهد بحذافيره بينما كانت تحكى لى ابنتى نور، التى تدرس فى الصف الأول الإعدادي، كعادتها أحوال يومها الدراسى وماذا فعلت وما أكثر شيء ضايقها وأكثر شيء أسعدها، فأخبرتنى أن زميلاتها تحديداً ينظرون إليها بتفحص وتمعن غريب وتبدو عليهن علامات الدهشة والاشمئزاز عندما تبدأ فى تناول ساندوتشاتها فى وقت «الفسحة»، والسبب أنها بلدى أوى يا حسين!!!



التغذية الصحية تتصدر أولوية كل أم لديها أطفال يمارسون الرياضة منذ الصغر، تجدها تحرص دائماً على تقديم الوجبات الصحية المليئة بالعناصر الغذائية الضرورية لأداء تمريناتهم الرياضية على أكمل وجه، وبالتالى ليس مستغرباً أن تجد طفلاً يتناول ساندوتشاته من الخبز البلدى وليس الفينو أو «التوست» بتخفيف التاء الأخيرة على طريقة «أولاد الذوات» ليس لأن أسرته فقيرة مثلاً ولا تملك حق هذا الخبز الفينو، لكن لأن الطفل اعتاد فعلاً على تناول الأكل الصحى لأن الخبز البلدى يحتوى على عناصر عديدة مفيدة لتكوين أجسام الأطفال، كما أنه مصدر جيد للطاقة، ويحتوى على الردة المفيدة للمعدة والألياف الغذائية، ويريح القولون ويساعد على الهضم، والأهم من ذلك لا يسبب السمنة. وعلى النقيض فإن العيش الفينو، وكما يؤكد خبراء التغذية، يسبب زيادة الوزن، كما أنه ثقيل على المعدة ويحتاج وقت طويل لهضمه، كما يسبب انتفاخ القولون، كما أشارت بعض الدراسات إلى أن العيش الفينو يسبب مرض السكر وأمراض القلب، وأنه يتم إضافة مواد له كى تحافظ على لونه الأبيض وليظل طازجا لفترة طويلة، وكلها مواد مضرة بالصحة.

وبعيداً عن فوائد الخبز البلدى وأضرار نظيره الفينو أو العكس، فلسنا فى ساحة حرب أو معركة لإثبات شيء بعينه لأننا بالفعل نتحدث عن حقائق علمية مثبتة، وتناول الخبز الفينو ليس له علاقة بالمستوى الثقافى أو الاجتماعى أو حتى الفكرى لمن يأكله، لكنه متعلق بتفضيلاتنا لأطعمة بعينها وبأسلوب حياتنا، لكننا أمام مشكلة أكبر وهى «عقدة الخواجة» التى كادت تخلعنا عن هويتنا لتجعلنا غرباء حتى عن أنفسنا، باتت تنتشر فى كل مناحى حياتنا بسرعة رهيبة كانتشار النار فى الهشيم، فلم نعد نكتفى بأن نقحم كلمات إنجليزية فى أحاديثنا بالعربية، فأصبح كثيرون يكتبون على وسائل التواصل الاجتماعى بلغة «مسخ» لا وصف لها ولا طعم، لا هى عربية كما اعتدناها منذ الصغر ولا هى إنجليزية  كما تعلمناها فى مدارسنا، لكنها إنجليزية معربة فيما يعرف اصطلاحاً باسم لغة «الفرانكو أرب»، ووصل الأمر إلى ابتكار بعض المصطلحات وإطلاقها على الأشياء التراثية التى نعرفها جميعاً باسمها الحقيقى فتحولت «الطعمية» إلى «جرين برجر» وأصبحت الملوخية  «جرين سووب» وغزل البنات تحول إلى الـcotton candy، وأما عن الزلابية أو لقمة القاضي، فأصبح اسمها gold donuts ، وبالتالى لا عجب فى أن يصبح اسم رمضان بطيخة «مونامور»!!!