الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حوار مع صديقى الغربى (6)

حوار مع صديقى الغربى (6)

بعد الحوار الأخير مع صديقى الغربى والذى أصابنى بالدهشة أو بمعنى أدق بالصدمة لأنه ببساطة كان حوارنا عن المراهقين الذين يتركون منزل العائلة عند سن الثامنة عشرة حيث استعرض لى بعضًا من القوانين المنظمة لهذا الأمر، فالصدمة لم تكن من تقنين الأمر أو اعتباره أمرا عاديا ولكن الصدمة والرعب أتيا إلىَّ من فكرة أن يتسلل هذا المفهوم وهذا النمط من الحياة الى مجتمعاتنا العربية، فما المانع فى ظل انتشار الرأسمالية المتوحشة فى كل مكان، فالأمر وإن بدا أمرا اجتماعيا بحتا إلا أنه فى تقديرى يأتى نتيجة السياسات المالية الرأسمالية فهى التى تشجع على حدوثه وتمكن المراهقين من الاستقلالية السريعة السهلة، و لذلك اتى سؤالى المرتبط بالتعليم كما يلى:



- أخى العزيز، أرى من الحوارت السابق معك انكم تعتبرون المرحلة الثانوية مرحلة مستقلة يمكن لخريجها من الانخراط سريعا فى سوق العمل، فما رصدته من الاحصائيات المتاحة على شبكة الانترنت إشارات الى أن حوالى 90% من الأمريكيين يتمون بالفعل الدراسة الثانوية وأن حوالى 45% منهم فقط هم من يهتمون أو ينوون استكمال دراستهم الجامعية وهذا يشكل حوالى 40% من الشباب، بمعنى آخر حوالى 60% من المجتمع الأمريكى لم يحصل على شهادة جامعية، وهنا يتبادر إلى ذهنى سؤال بديهي عن كيف يكون هذا المجتمع فى غاية التقدم ونسب الالتحاق بالتعليم الجامعى منخفضة للغاية مقارنة بنفس النسب فى الشرق ليست فقط التى تلتحق بالتعليم الجامعى بل تتخطاه الى القيام بدراسات عليا من ماجيستير ودكتوراة وخلافه، فهل لديك تفسير لذلك؟

- فى الواقع هذا سؤال لم يخطر ببالى من قبل، لم أشعر فى أى وقت من الأوقات بأن هذا الأمر مرتبط بالتقدم كما تراه يا صديقى العزيز، فالمجتمع يحتاج إلى تكاتف الجهود وإلى وظائف متعددة وكثيرة ليس بالضرورة أن يكون صاحبها حاصلا على شهادة جامعية، فخريجو الجامعات لهم وظائفهم وخريجو المدارس الثانوية لهم وظائفهم أيضا و لا تداخل بين هذا وذاك، بل قد يذهب البعض الى أن نسبة الـ40% التى اشرت اليها فى حديثك هى نسبة مرتفعة جدا بالفعل، دعنى أوضح وجهة نظرى من خلال مثالين اثنين، المثال الأول هو لمصنع والمثال الثانى لمستشفى، كم تعتقد يحتاج المصنع الى مهندسين بالمعنى الحقيقى للكلمة مقارنة بعدد العمال، وفى مثال المستشفى، كم تحتاج المستشفى إلى أطباء وجراحين مقارنة بعدد اطقم التمريض و باقى الاعمال الإدارية الأخرى، هذان المثالان يوضحان الفكرة، فما المعنى أن يستهلك الطالب المزيد من الوقت - أربع سنوات مثلا- بعد انتهاء الدراسة الثانوية لكى تتم دراسته الجامعية ثم يلتحق بوظيفة لا تحتاج الى تلك الدراسة؟، لا أعتقد أن الامر يحتاج الى كل هذا الوقت المهدر بلا طائل، اعرف انكم فى الشرق تهتمون كثيرا بالدراسة الجامعية وتنظرون نظرة دونية نوعا ما إلى من اكتفى بالدراسة الثانوية، ولا ادرى لماذا تفعلون ذلك اللهم كنتيجة للفخر غير المبرر الذى يتملك منكم، خلال زيارتى الأخيرة للشرق وجدت الفخر ينتقل الى الدراسات العليا ويتم النظر الى من انهى دراسته الجامعية فقط بنفس الطريقة، وفى المقابل نجد أن العالم كله ينتقل الى مفاهيم جديدة ربما لا تنظر الى التعليم النظامى بنفس التقدير، فالتقنيات تتغير بسرعة الصاروخ و ما يهم لبناء أى اقتصاد هو ماذا تستطيع أن تضيف اليه من خلال عملك لا ما تحمل من شهادات عديمة الجدوى، ألستم أنتم من تنظرون الى تلك الشهادات أحيانا كأحد مصوغات التقدم للزواج فقط؟، يجب أن تعيدوا النظر فى تلك المفاهيم القديمة أخى العزيز، فالعالم يتغير و عليكم أن تتبعوا هذا التغيير، هل توافقنى الرأى أم لديك رأى آخر؟

فى الحقيقة.... نعم.... لا... نعم أنت محق.