السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
على أبواب شهر رمضان

على أبواب شهر رمضان

أيام قليلة ونستقبل جميعًا شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الكريم ينتظره معظم المصريين كل عام.. نتنسم فى هذا الشهر حلاوة الصيام، والقيام، والعتق من النار، هذا الشهر يتحلى الجسد بالقوة الإيمانية، والسلامة البدنية، كنا نستمع فى هذه الأيام المباركة إلى حديث عذب من مولانا المغفور له فضيلة الأستاذ الدكتور جودة أبواليزيد المهدى عميد كلية القرآن الكريم ونائب رئيس جامعة الأزهر عندما نلتقى بحضرته فى ليلة النصف من رمضان، وعزومة الإفطار السنوية التى لم تنقطع طوال ما يقرب من عشرين عامًا فى مدينة الإسكندرية بجوار سيدى المرسى أبى العباس وفى رحاب أولياء الله الصالحين رضى الله عنهم جميعًا.



مولانا الدكتور جودة -رحمة الله عليه-، كان يقول: رمضان  شهر الجود والكرم، شهر التزاور والتسامح، شهر التصالح مع الله، والرجوع إلى الله، والتجاوز عن عباد الله، شهر ترفع فيه الأيدى بالدعوات، وتجأر فيه الألسن بطلب غفران السيئات، شهر تفضل فيه البارى - جل شأنه - بفتح أبواب الجنان، وتغليق أبواب النيران، وتصفيد مردة الشياطين، وهيأ فيه الأسباب للسمو بأرواح المؤمنين، وتطهير نفوس المخبتين، شهر يفطن فيه المقصرون، فيتداركون ما فات من تهاون طوته السنون، ويستفيق فيه المعتدون، فيقلعون عما كانوا يجترحون.

يقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «بُنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» ويظل شهر رمضان المبارك نورًا وضياءً لعباد الله فى الأرض عندما يعلم المسلمون أن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران.

 من هنا كانت البشارة الكبرى التى أخبرنا عنها رسول الله عندما قال - لصحابته: «أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله - عز وجل - عليكم صيامه، تُفتَح فيه أبواب السماء، وتُغلَق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدة الشياطين، لله فيه ليلة هى خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرم».

 وعندما نقرأ فى كتاب الله ونتدبر آياته فى قوله تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ».

وقوله تعالى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ» نستشعر عظمة المولى ورحمته عندما نزل كتاب الله من السماء إلى الأرض على قلب رسوله ومصطفاه سيدنا محمد بن عبدالله».

فى رمضان المبارك شهر الكرم والجود تظل مصر عامرة بالخير ما دامت الدنيا باقية.. هنا فى قلب القاهرة وفى كل المحافظات وعلى أغلب الطرق السريعة على امتداد حدود هذا الوطن يجود المصريون على بعضهم البعض بشربة ماء لصائم أو وجبة ساخنة للصائمين وذلك امتثالًا لسنة النبى الكريم فى كونه كان أجود الناس فى هذه الأيام المباركة، فقد قيل عنه على لسان ابن عباس: «كانَ رسولُ اللَّهِ أجودَ النَّاسِ وَكانَ أجودَ ما يَكونُ فى رمضانَ حينَ يلقاهُ جبريلُ، وَكانَ جبريلُ يلقاهُ فى كلِّ ليلةٍ من شَهرِ رمضانَ فيدارسُهُ القرآنَ».

قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ حينَ يلقاهُ جبريلُ -عليْهِ السَّلامُ- أجودَ بالخيرِ منَ الرِّيحِ المرسلَةِ»، فنجد البركة والعطاء فى أيام رمضان لا مثيل لها فى أيام العام، فيتنافس فيه المسلمون على بذل المال والجهد فى خدمة المساكين والفقراء وأصحاب الحاجات.

وعلى الرغم من الحالة الاقتصادية التى يعانيها الكثيرون فى كل مكان فى العالم، سوف يتسابق المصريون من أهل الخير والعطاء فى تنظيم موائد الرحمن، وهذه هى مصر المتفردة عن غيرها من البلاد التى اشتهرت بتنظيم أكبر الموائد الرمضانية لاستقبال ضيوف الرحمن، ولا أخفى سرًا عندما أقول: إن كثيرًا من الإخوة الأقباط يتسابقون فى فعل الخيرات خاصة فى شهر رمضان، وهذا هو النسيج الوطنى الخالص الذى مهما حاول الكثيرون تمزيقه وتقطيعه لكنهم لم يفلحوا ولن يفلحوا بإذن الله.

رمضان فرصة للجميع، أن يصطلحوا مع الله، ومع الناس، ومع أنفسهم، حتى يخرجوا من الشهر الكريم وقد فازوا برضا الله ومغفرته والعتق من النيران.. كل عام ونحن جميعًا بخير. تحيا مصر.