السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 دعوات الشحاذين

دعوات الشحاذين

تستخدم كلمة «الشحاذين» فى اللغة العربية للدلالة على المتسولين أو ما نطلق عليهم بالعامة المصرية «الشحاتين»، والأصل فى الفعل «شحذ» أى «سن» ويستخدم لفظ «شحاذ» كصيغة مبالغة من «شحذ» أى قام بسن السكين أو السيف، كما أن من معانيها أيضا التسول والسؤال بإلحاح معتمدًا على استدرار عطف الناس واحسانهم.



وبغض النظر عن تأصيل الكلمة ومعناها وبغض النظر عن انتشار تلك المهنة السهلة والمربحة وما يقوم به الشحاذون من حيل شيطانية للحصول على ما فى جيوب الناس من قروش بداية من ادعاء المرض أو الجوع أو فقدان أموالهم وانهم من بلاد بعيدة ويرغبون فى  العودة إليها، وصولا إلى احداث عاهات حقيقية فى  أجسامهم لحبك القصص الدرامية مثلما تناولها أديب مصر العالمى فى رواية زقاق المدق من خلال شخصية «زيطة صانع العاهات»، أو تأجير أطفال من أمهاتهن لاستخدامه كأداة، أو القيام بالتسول المدمج من خلال ادعاء بيع بعض البضائع البسيطة كالمناديل الورقية أو الزهور، أو انكفاء طفل على كراسة وكتاب أمام إحدى محطات القطار بجوار علب المناديل ليعطى الإحساس بالتعاطف مع ذلك الطفل المكافح الذى يقوم باستذكار دروسه ومحاولة مساعدة اهله فى نفس الوقت وهى الحيلة التى  تنطلى على الكثيرين بالرغم من ان هذا المشهد قد يحدث فى أحد أيام الإجازة الصيفية وليس فى أيام الدراسة المعتادة، أو قيام بعض الشحاذين بالنصب بطرق أخرى مستهلكة، كالبكاء بجوار بيض مكسور أو عدد من الجرار والقلل المكسورة أيضًا، الا ان دعاء هؤلاء الشحاذين يختلف طبقا لمكانهم، فالدعوات بجوار اضرحة الأولياء وال البيت أو بجوار المساجد تكون فى الغالب دينية مثل الدعوات بأداء فريضة الحج أو رؤية وجه الله الكريم فى الجنة، وهى تتحول إلى دعاء بالصحة والنصر على الأعداء وذلك حال وجود الشحاذين حول المستشفيات أو بداخل عربات القطار، كما تتحول الدعوات إلى «ربنا يخليكوا لبعض» أو«ربنا يخليلك العروسة» وذلك حول الكازينوهات والمراكب النيلية التى تقل العشاق والخطاب. أو الدعوات بالتفوق والنجاح وذلك أمام الكليات ومكاتب التنسيق، والحقيقة ان الإبداع فى توظيف الدعوات طبقا للموقف وطبقا لاحتياج الناس يلعب دورا مهما بالإضافة إلى باقى العوامل السابق الإشارة إليها فى استدرار العطف وفى إخراج الأموال، وللأسف لا تزال كل تلك الالاعيب والحجج الواهية تنطلى على الكثيرين ممن يعتقدون انهم يقومون بفعل الخير والإحسان من خلال تلك الصدقات متناسيين أو غير مدركين إلى حقيقة ان المحتاج الحقيقى لن يلجأ فى الغالب إلى تلك الطرق مثلما وضحت الآية 273 من سورة البقرة: بسم الله الرحمن الرحيم «لِلفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» صدق الله العظيم.