الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ثالث الأئمة

ثالث الأئمة

أعاد عرض مسلسل «الإمام» فى رمضان هذا العام عن حياة الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعى، ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعى فى الفقة الإسلامى، ومؤسس علم أصول الفقة، الحديث عن الفتاوى وإمكانية تغييرها مع تغير الزمان أو المكان أو كليهما ومع نفس الشخص القائم بإصدار الفتوى، فالفتوى تقوم على الفهم أى الفقة، والفقة يقوم على الكتاب والسنة والمعلومات والمستجدات والقياس والتقدير ومراعاة مقاصد الشريعة.



وقبل الاسترسال فى هذا الأمر أود أن أشير إلى شعور اعترانى فى سنوات الطفولة الأولى عندما علمت اننا نتبع مذهب الحنفية وهو ما أصابنى بحالة صمم وابتعاد عن باقى المذاهب الثلاثة ولا أقول عداوة ولكنه ببساطة ابتعاد، استمر لمدة ليست بالقصيرة حتى ادركت أن كل هذه المذاهب هى اجتهادات لعلماء كبار تعرضوا وتفاعلوا مع عصورهم وما لديهم من معلومات وقدرات وخبرات حياتية أيضا، أتذكر أن معلومة امكانية ان اتبع فتوى معينة من المذهب المالكى وأخرى من الحنبلى أو الشافعى كانت مستغربة فى البداية حتى اعتدت على ذلك وتقبلته لاحقا ولا أدرى ما السبب فى هذا الشعور الأولى ومن رسخه فى ذهنى ولكننى أحمد الله على زواله.

عودة إلى تغيير الفتوى طبقا للزمان والمكان، فالفتاوى فى البيئة الصحراوية قد تختلف فى بعض جزئياتها عن الفتاوى فى شمال أوروبا أو القطب الشمالى، كما أن مصادر المعلومات والاكتشافات العلمية الحديثة وتغير نظريات الاقتصاد والسياسة وغيرهما تساهم أيضا فى هذا التغيير الذى اعتقد أن لفظ «المرونة» هو اللفظ الأقرب إلى الدقة والأكثر قربا إلى طبيعة العملية.

قد تصل الفتاوى أيضا فى بعض الأحيان إلى الاختلاف من متلقى لآخر والقصة الشهيرة فى ذلك هى قدوم سائل إلى احد الأئمة بسؤال «هل من توبة للقاتل» فإجابه الإمام ان «نعم» ثم انصرف وجاء شخص آخر بنفس السؤال فكانت إجابة الإمام ان «لا»، وهنا ثار الحضور وحدث هرج ومرج مما دفع الإمام إلى تفسير فتواه بأن السائل الأول قد قام بالقتل بالفعل وأن السائل الثانى لم يقم بالقتل بعد وإنما هو مقبل عليه، وهو ما شعر به الإمام وكشف الله له الغطاء بنور البصيرة وهنا جاءت إجابته مختلفة مع ثبات السؤال.