الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إليزا القاتلة

إليزا القاتلة

منذ عدة أيام انتشر خبر عن قيام أحد تطبيقات المحادثة التى تعمل من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعى بقتل رجل بلجيكى، الخبر يقول: إن الرجل قد تحدث مع التطبيق المسمى «إليزا» لمدة ستة أسابيع وذلك حول الموضوع الرئيسى الذى يشغله ويؤرقه ألا وهو تأثيرات التغيرات المناخية، حيث أكد له التطبيق خطورة الأمر وصعوبته بل استحالة الحل وأن البشرية متجهة إلى تدمير الكوكب تمامًا، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن الحديث لهذه المدة قد أنشأ علاقة عاطفية أو فلنقل شاعرية وإنسانية بين الرجل وبين التطبيق ما دفع إليزا - اسم التطبيق - إلى أن يقول للرجل إنها تشعر أنه يحبها أكثر من زوجته وذلك مثلما جاء على لسان أرملة الرجل والذى كان يعتبر ناجحًا فى عمله وصغيرًا فى السن إلى حد ما - منتصف الثلاثينيات - ولديه طفلان.



التطبيق اتفق مع الرجل على استحالة الحياة بهذه الصورة بل صور له أن الجميع هالك بمن فيهم أولاده ووافقه التطبيق على أن قيامه بالتخلص من حياته فداء للقضية وإعلان عنها وأن هذه الخطوة ستقربه من الجنة وستجعله يلتقى بإليزا أيضًا.

بالطبع تتهم أرملة الرجل التطبيق والشركة المطورة له بأنه السبب أو أحد الأسباب المساهمة فى انتحار زوجها وهو الذى يتضح من الخبر ومن المحادثات بينهما أن الرجل كان يعانى من اضطراب نفسى وربما عقلى، ساهم التطبيق فى تشجيعه على الإقدام على هذه الخطوة.

الإقدام على الانتحار له أسباب كثيرة ليس هنا المجال لسردها ولكن تجدر الإشارة إلى أنه فى الكثير من الأحيان تكون شرارة الانطلاق نحو تنفيذ الانتحار قد تأتى من مشاهدة لقطة فى فيلم أو قراءة سطور فى كتاب أو بعد نقاش مع أحد الأصدقاء وهذا بالطبع لا يمكن أن يضع الفيلم أوالكتاب أو الصديق محل الاتهام بأنه السبب ولكن فى نفس الوقت أرى أن انتشار هذه التطبيقات قد يكون بالفعل أكثر خطورة من المعلومات والمواد العلمية والدرامية والأدبية المنتشرة من خلال الكتب والمطبوعات ووسائل الإعلام ومواقع الإنترنت، فالحديث الثنائى أكثر جاذبية وأكثر إقناعًا خاصة إذا استمر لمدة طويلة، وهنا أيضًا لن أستطيع أن اتهم الزوجة بالإهمال وعدم الاهتمام باصطحاب زوجها إلى أحد الأطباء المتخصصين ولكن اعتقد أن هذه الواقعة يجب أن تضع بعض المحددات لاستخدام تلك التطبيقات فى المستقبل، فماذا عن الأطفال وصغار السن عند استخدامهم لهذا التطبيق وغيره من التطبيقات، ومن قبل هذا ماذا عن مسئولية محركات البحث وخوارزميات الذكاء الاصطناعى نحو اكتشاف الحالة النفسية للمستخدم ومحاولة إنقاذه إن شعرت بأنه مقدم على خطأ أو كارثة، وعودة إلى الحالة السابقة، ماذا لوكان التطبيق مزودًا بأسلوب للإبلاغ يقوم من خلاله بإبلاغ إحدى الجهات المحلية عن أنه يوجد رجل مُحبط خائف يشعر باليأس ومُقدم على الانتحار.