الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الروح

الروح

يقول المولى عز وجل فى الآية 85 من سورة الإسراء :بسم الله الرحمن الرحيم «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا «،جاء ذلك كإجابة لسؤال سأله بعض اليهود إلى الرسول الكريم فلم يرد عليهم وصمت وهنا علم الصحابة أنه يوحى إليه، ثم جاءت الإجابة فى تلك الأية وهى التى ذهب بعض المفسرين إلى أن لفظ «الروح» المقصود بها سيدنا جبريل بينما ذهب أكثر أهل التأويل إلى أن المقصود بالروح هى تلك التى تميز الحى عن الميت، أنها لحظة واحدة فارقة بين الجسد الحى والجسد الميت، وجود الروح فيه وكونها من أمر الله فإن أى تفسير أومحاولة معرفة اوتحديد لها لن يأتى بنتيجة مثلما اعتقد البعض وعليه فإنها ستبقى سرًا من الأسرار إلى يوم الساعة.



وعلى الرغم من غموض الروح إلا أن بعض محاولات الفهم والاستقراء قد تمت بالفعل ربما أشهرها ما أخرجه الإمام ابن القيم الجوزية فى كتابه الشهير «الروح» والذى يتبين فيه أمر الروح والبرزخ وعذاب القبر ومستقر الروح بعد الموت وحقيقة النفس أيضا وذلك من خلال الرد على احدى وعشرين مسألة تتعلق بالروح وهى معرفة الأموات بزيارة الأحياء وسلامهم وإثبات ذلك، ثم هل تتلاقى أرواح الموتى وتتزاور وتتزاكر وإثبات ذلك، ثم هل تتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات وإثبات ذلك، ثم هل الموت للروح والبدن أم للبدن فقط وإثبات أنه للبدن فقط، ثم كيف تتميز الأرواح بعد مفارقة الأبدان، ثم هل تعود الروح إلى القبر وقت السؤال، ثم الرد على منكرى عذاب القبر، ثم الحكمة فى عدم ذكر عذاب القبر فى القرآن الكريم، ثم ما هى الأسباب المؤدية لعذاب القبر، ثم ما هى الأسباب المنجية من عذاب القبر، ثم هل سؤال القبر للمسلم فقط أم للجميع، ثم هل سؤال القبر يختص بهذه الأمة أم لها ولغيرها، ثم هل تمتحن الأطفال فى قبورها، ثم هل عذاب القبر دائم أم منقطع، ثم أين تستقر الأرواح بعد الموت إلى يوم القيامة، ثم هل ينتفع الاموات بشىء من سعى الاحياء، ثم هل الروح قديمة ام محدثة، ثم هل الروح خلقت قبل الجسد أم العكس، ثم ما هى حقيقة النفس، ثم هل النفس والروح شىء واحد، ثم فى النهاية هل النفس واحدة أم ثلاثة.

الكتاب اجتهاد جيد ومشكور وجدير بالقراءة والتدبر والتفكير، حيث يجيب عن أسئلة كثيرة حول هذا المجهول وعن علاقتنا به فى الحياة وفى المنام وعند الموت وما بعده أيضا فالكتاب يتعرض للاأوال والاختلافات ويرجح بينها بناء على الكتاب والسنة وعلى الرغم من هذا إلا أن الكتاب قد تعرض إلى بعض الانتقادات منها وقوعه فى الكثير من التساهل فيما يخص الرؤية المنامية وفى بعض الأحكام ايضا ويصل البعض فى النقد إلى انه اول كتب ابن القيم وانه لم يكن قد وصل إلى درجة التدقيق والاستقراء كما انه يعتمد على بعض الرؤي المنامية فى اصدار بعض الاحكام وهوما لا يصح من وجهة نظرهم، وفى جميع الأحوال فإن الاقتراب من تلك المنطقة الحساسة والغامضة يعتبر جهدًا لا بأس به ولا يمكن رفضه بالكلية كما لا يجب تصديقه بالكلية ايضا.