الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
«روزاليوسف» وذكريات باريس!

«روزاليوسف» وذكريات باريس!

ثلاثة شهور بالتمام والكمال أمضتها السيدة «روزاليوسف» فى باريس لرؤية زوجها الفنان «زكى طليمات» وطوال تلك الفترة حرصت على أن تبعث برسالة أسبوعية طويلة تسجل فيها خواطرها ومشاهداتها هناك.



كان عنوان المقالات التى بعثت بها «روزاليوسف» من باريس هو «رسائل من باريس على ظهر الباخرة» وكان أول هذه المقالات بتاريخ 11 أغسطس سنة 1926.

وتحكى قائلة: اقتربت الباخرة من الرصيف.. أخذت أفتش بناظرى عن زوجى حاملة صغيرتى على إحدى ذراعى أخيرًا تبينته! أوه.. تلك البدلة ذات الألوان الصارخة، قبعة ترتفع وتنخفض فى الفضاء ثم صياح.. اسمى وصل إليّ فى لهجة غريبة وبدلا من أن أسمع «روز» سمعت «غوز»!

مسكين زوجى لقد لوت اللهجة الباريسية لسانه وهذا فى سبيل الفن أيضًا على ما أظن، نعم سيقولون لى ذلك وسيقول لى أيضًا عن أشياء سوف تلهبنى غيرة! ولكنه سيلطف من ثورتى ويدعى أنه فعل ما فعل فى سبيل الفن أيها الفن باسمك يرتكب كل شىء!».

لقد أوفت روزاليوسف بوعدها لقراء مجلتها عندما كتبت تقول قبل سفرها «أيام قلائل ثم أستقل الباخرة إلى حيث تزدهر الفنون.. إلى بلد عرف أهله للفن حقه وكرامته.. إلى بلد سخية أرضه فى إنجاب الفنانين والفنانات فلا يموت من بينهم عظيم إلا ليأخذ مكانه من هو أعظم منه..

أسافر إلى فرنسا فهل ترانى ملاقية فى فرنسا وبين أجواء الفن وأوساطه بعض ما نراه فى مصر من غيرة وضغينة ودس خبيث ورياء ونفاق باسم الفن وفى سبيل الفن؟

يقول البعض إن فرنسا وأوساطها الفنية بريئة من هذا كله، ويقول البعض الآخر إنه لو قيست أوساطنا الفنية بأوساطهم لكانت هياكل مقدسة!!

يقولون ويقولون ولست أدرى من أكذب ومن أصدق؟

ولكن لكم علىّ عهد الله أننى سوف أصدقكم القول وأحدثكم بما آراه.. سوف أزورهم فى محال عملهم وفى ديارهم وسوف أختلط بأوساطهم، وأقارن بينهم وبين الزملاء والزميلات وسوف أبعث إليكم بما أرى.

وفى مقالها الثانى عن المسرح الكوميدى فرانسيز والذى وصفته بعد أن زارته بأنه «متحف يحوى تراث أكبر مجد أدبى فى العالم»، وتذهب مع زوجها.. زكى طليمات مسرحية «أندروماك» وتكتب عن المسرحية قائلة:

«مدهش حقا الزحام لمشاهدة تمثيل رواية أعيد تمثيلها مئات ومئات المرات، وروعة فى الأداء وجلال فى المناظر وجمال فى كل شىء، هذا هو التمثيل، كل شىء فى دائرة المعقول الكامل.. لا صراخ ولا مغالاة.. كل من الممثلات والممثلين كائن حى فى شخصية دوره، ويربط الجميع روى واحد محكم النغم لا يؤذى الأذن منه نشاذ واحد!

هذه هى المأساة!.. هذه هى المأساة كما يفهمونها فى فرنسا لا كما يفهمها ممثلونا فى مصر، حيث هى عبارة عن بهو واسم يباح فيه الصراخ و«التجعير» والفائزون الأولون من علت أصواتهم إلى أعلى الطبقات حيث غطت على ضجيج الترام وأصوات «الكلاكس» فى الطريق!

هذه هى المأساة كما يجب أن تكون.. وحيا الله الفن فى فرنسا وأحياه فى مصر! ثم جولة بالنظر إلى الجمهور من المتفرجين الجالسين فى أغلى المقصورات والمقاعد إلى المحلقين فى أعلى التياترو أذكرتنى أننى فى باريس فى بيت «موليير» الذى يمثل جهاد ثلاثمائة عام فى تقرير مسرح محلى، وأننى وسط جمهور يحترم التمثيل ويجهل قزقزة اللب».

وتعترف روزاليوسف: عدت إلى مصر بعد أن تشربت آراء جديدة طالعنى بها المجتمع الفرنسى فقد أدهشنى الدور الذى تقوم به المرأة الفرنسية فى الحياة العامة! وتتوالى الذكريات الصحفية!