الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 التنمر الاقتصادى

التنمر الاقتصادى

يوم السبت الماضى الأول من أبريل خرجت علينا وكالات الأنباء العالمية بخبر عن دعوة الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة الدول الصناعية السبع Group of seven (G&) إلى اتخاذ إجراءات ضد التنمر الاقتصادى الصينى، وبمناسبة أن هذا الخبر أتى فى الأول من أبريل فإننى اعتقدت للوهلة الأولى أن الخبر يندرج تحت أخبار كذبة أبريل فعلى الرغم من أن مجموعة الدول الصناعية السبع تستحوذ على نحو 50% من حجم الاقتصاد العالمى إلا أن تعبير «التنمر الاقتصادى» كان جديدا على مما دفعنى للاعتقاد بأن الأمر لا يعدو أن يكون مزحة سخيفة ولكن بالبحث المتعمق قليلا على شبكة الإنترنت وجدت أن هذا التعبير موجود بالفعل ومستقر ويعرفه الاقتصاديون جيدا.



فالتنمر فى تعريفه هو الاستقواء وممارسة العنف أو السخرية من شخص عرف باستغلال نقاط ضعفه المعروفة والواضحة، فمنه التنمر المدرسى أو الاجتماعى أو حتى التنمر من خلال استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات والمعروف بالتنمر الالكترونى ولكن تعبير التنمر الاقتصادى موجود بالفعل كما سبق القول ويشمل فرض الضرائب والجمارك والقيوض التصديرية على منتجات بلدان بعينها كما يشمل ايضا المقاطعة أو فرض عقوبات اقتصادية لأسباب فى أغلبها واهية وإن كان البعض الآخر يندرج تحت مسمى حماية المنتج المحلى ضد سياسة الإغراق التى تمارسها بعض الدول الكبرى.

وعندما يتعلق الأمر على العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الامريكية وباقى الدول الصناعية السبع وبين الصين فإن الأمر قد يبدو واضحا وضوحا شديدا، فالاقتصاد الأمريكى هو الأقوى والأكبر على مستوى العالم كله يليه الاقتصاد الصينى ثم يأتى الاقتصاد اليابانى فى المرتبة الثالثة بفارق كبير عنهما، فالأول يقدر بنحو 23 تريليون دولار يليى الثانى بنحو 17 تريليون دولار وهى أرقام كبيرة قد لا تعبر عن مستوى معيشة الفرد نظرا لوجود عامل آخر مهم وهو عدد السكان وهو ما قد يجعل مستوى معيشة الفرد أعلى فى بلدان أخرى كثيرة ولكن على المستوى الكلى فإنها لا تحصل على ترتيب متقدم مثل أمريكا والصين.

وعلى الجانب الآخر-الجانب الصينى- نجد الكثير من التصريحات حول التنمر الأمريكى أيضا، فالحرب الاقتصادية بين الدولتين كبيرة ومتشعبة، لا اعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت ترغب فى تحقيق الصين لهذا النمو الكبير وهو النمو الذى كتبت عنه الكثير من المؤلفات والدراسات فى محاولة التعرف على السر ورؤاه ولكن فى تقديرى فإن كل تلك الدراسات لم تتعرف بالضبط على كل أسرار الوصول إلى هذا المستوى.

يطلق أيضا على هذا التنمر الاقتصادى لفظ آخر وهو الإكراه الاقتصادى Economic coercion والذى تقول الولايات المتحدة الأمريكية إن الصين تمارسه مع عدد من الدول على بعض الخلفيات السياسية ومنها العلاقة مع تايوان.

والحقيقة فإن العلاقات بين تلك الدول الكبرى على المستوى الاقتصادى والسياسى والسيبرانى أيضا يجب أن يتم دراستها دراسة متأنية ومستمرة لأن ما يتم بينهما يؤثر تأثيرا كبيرا على العالم كله ومن المتوقع أن يزداد هذا التأثير حجما ووقعا خلال السنوات القليلة القادمة.