الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 التنمر الطبيعى والتنمر الافتراضى

التنمر الطبيعى والتنمر الافتراضى

لا أعرف على وجه التحديد متى بدأ مصطلح «التنمر» فى الظهور والاستخدام، وهذا لا يهم كثيرًا، ففى سنوات الطفولة الأولى كنا نطلق على ممارسات التنمر ألفاظًا أخرى مثل المضايقات أو السخرية أو ممارسة العنف ضد الأضعف، وفى جميع الأحوال فإن التنمر يختلف عن الابتزاز، فهو لا يعدو إلا مجرد ممارسات لا يقصد منها إلا إلحاق الإيذاء النفسى أو البدنى بالضحية، أما الابتزاز فإنه على الجانب الآخر يتعدى هذا الإيذاء إلى رضوخ الضحية إلى طلبات الشخص المبتز والتى قد تكون طلبات مالية أو نفسية أو حتى جنسية.



والحديث عن التنمر يعود هذه الأيام بقوة مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعى وتقنيات المعلومات والاتصالات والتى تتيح للمتنمر القيام بممارسة التنمر على نطاق واسع، رأينا كيف يمكن لطلبة فى المدرسة أو الجامعة القيام بحملة للتنمر ضد أحد الطلاب ساخرين من هيئته أو خلقته أو مستواه الاجتماعى أو الاقتصادى، وهو ما يسبب له أذى مضاعفًا بحسب حجم الجمهور الذى يشاهد تلك الممارسات وهو ما قد يسبب له عقدة نفسية ورهاب اجتماعى وهروب من المواجهة، وقد يتطور الإيذاء إلى إصابة الضحية بحالة نفسية أو اكتئاب وقد تنتهى بأن يتخلص من حياته تمامًا بالانتحار.

التنمر فى الغالب يبدأ فى المدرسة، أغلبنا شاهد تلك الحالات أو تعرض لها ولم يستطع أن يعرف كيف يتعامل مع تلك الممارسات، يصاب بالخجل أو الغضب أو الاكتئاب أو الحزن أو الإحراج، قد يصارح الأهل وقد يصارح أحد المعلمين، ولكن فى الغالب لم تأت تلك المصارحة بأى نتيجة فعالة، فلا الأهل يعلمون ولا بعض المعلمين يعلم أيضًا ماذا يتعين عليه أن يفعل، تأتى الإجابات من قبيل « سيبك منه» أو «قول له الله يسامحك» أو «دور على حاجة وحشة فيه واتريق عليه أنت كمان»، وفى الغالب تنتهى تلك الحالات بعد أن يصاب الشخص المتنمر بالضجر أو ينتقل إلى ضحية أخرى ليمارس عليها نفس الأفعال.

منذ أكثر من شهر طالعتنا الصحف بواقعة وفاة إحدى الطالبات-16 عامًا- نتيجة الضغط النفسى الذى مارسته عليها زميلاتها فى المدرسة، التنمر كان على الشكل والخِلقة، وهو ما سبب للفتاة ضغطًا رهيبًا عادت معه ذات يوم من المدرسة إلى المنزل حيث أغشى عليها ثم توفيت.

حملات المكافحة والتوعية بالتنمر كانت رائعة ولكنها توقفت منذ فترة ولا أدرى ما السبب فى ذلك، ففى تقديرى أننا نحتاج إلى المزيد من تلك الحملات وإلى إدخال هذا المفهوم فى الأعمال الدرامية أيضًا، كما يجب الانتباه إلى الأعمال الكوميدية القائمة على التنمر ويتم منعها وهو خطأ وقع فيه كبار نجوم الكوميديا حول العالم أيضًا.