الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
طه الآية «70»

طه الآية «70»

فى الآية 70 من سورة طه يقول المولى عز وجل، بسم الله الرحمن الرحيم «فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ» وفيها نجد أن السحرة قد قدموا هارون على موسى ولم يقولوا «آمنا برب موسى وهارون» وهو الذى قد يكون اكثر منطقية على اعتبار أن سيدنا موسى هو صاحب الرسالة الأصلى وأنه هو من جاء بالمعجزات المفحمة لهم فلماذا خاطبوا سيدنا هارون أولا ثم سيدنا موسى؟



بعض التفسيرات تشير الى أن ربما السجع القرآنى فى الآيات السابقة واللاحقة هو ما أوجب أن يكون الترتيب كذلك (موسى- الاعلى- أتى- أبقى) وذلك على اعتبار أن الواو فى اللغة تفيد مطلق الجمع فى حكم المعطوف فيه ولا تفيد ترتيبا ولا تفضيلا أو أن السبب الغالب أن هارون هو من كان يدير الحوار مع السحرة على اعتبار انه أفصح لسانا كما جاء فى قول سيدنا موسى نفسه «وأخى هارون هو أفصح منى لسانا»،وفى تفسير آخر قالوا «رب موسى وهارون» فقد يفهم منه أن إيمانهم ليس لأن الله مستحق لهذا الإيمان استحقاقا خالصا وأن جزءا من هذا الاستحقاق يعود الى سيدنا موسى نفسه لذا ولكى يبعدوا هذا الفهم عن الأذهان بدأوا العبارة بذكر الرب ثم هارون ثم موسى.

كل هذه التفسيرات وأكثر هو ما يجعل البيان القرآنى هو الأبلغ على الإطلاق وهو الاولى دائما بالتدبر ومحاولات الفهم والتفسير ولكن حتما الأمر ليس عشوائيا اى أن لكل حرف ولكل جملة ولكل ترتيب اهدافا ومعانى علمها من علمها وجهلها من جهلها وهو يعيدنا الى اعجاز هذا الكتاب بألا تفسير واحدا لكل ما جاء به، بل يشمل الامر ايضا القدرة البلاغية للقارئ وكذا ايضا مدى نقاء قلبه واستعداده لاستقبال تلك الفيوضات والهبات الصفائية مثلما اشار الشيخ محمد متولى الشعراوى فى مقدمة تفسيره.

والحقيقة أو العجيب انك قد تمر بآية عدة مرات وأحيانا لعدة سنوات ثم فى لحظة معينة لا تعرف متى ولا كيف تجد أنك قد توقفت عندها ثم تساءلت عن سبب هذا اللفظ او ذاك ولماذا لا يكون بصورة مختلفة وهنا وتبدأ فى البحث فى تفاسير وتأملات السابقين لتتعرف على آرائهم حول الآية أو تجد أن الله قد القى فى قلبك تفسيرا جديدا ترتاح له فتبدأ بوزن هذا التفسير بميزان الشريعة لتتعرف على مدى اتساقه مع مقاصدها وآدابها.