الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمود البجيرمى

القرآن الكريم نزل بمكة وكُتب فى العراق وقُرئ فى مصر، لذا استحقت المحروسة أن تكون بحق «دولة التلاوة»، التى هادت العالم بحناجر ذهبية صدحت بأصواتها فأطربت المسامع، وتجلّت بمقامات تقشعر لنغمها الأبدان، لذا ترصد لكم جريدة «روزاليوسف» يوميًا فى رمضان، قصص أصحاب الحناجر الذهبية من القُراء المصريين الذين جابت أصواتهم العالم ولا تزال.



الشيخ محمود عزب السيد البجيرمى واحد من أعلام دولة التلاوة فى مصر، ولد عام 1933، فى قرية «بجيرم» التابعة لمحافظة «المنوفية» المصرية، ووهبه والده للقرآن الكريم، حتى يرعاه الرحمن برعايته، سيما وقد توفى 4 من أخوته فى سن مبكرة قبل ولادته، فألحقه بكتاب القرية، وحفظ القرآن الكريم وهو دون العاشرة من عمره، وجوده وهو فى الرابعة عشر من عمره، وأرسله والده للدراسة فى معهد القراءات بالقاهرة، لكن شهرته التى بدأت تتسع حالت بينه وبين استكمال الدراسة فى المعهد، وأصبح ذلك الشاب العشرينى يجالس كبار قراء القرآن الكريم، وظل على درب النجاح ما يقرب من 15 عامًا حتى اختير قارئًا للسورة فى مسجد عمر بن عبدالعزيز بمصر الجديدة عام 1966.

وفى عام 1968 اختير الشيخ البجيرمى قارئًا للسورة فى مسجد عين الحياة، ذلك العام الذى تم اعتماده فيه قارئًا بالإذاعة، وكانت تربطه علاقة صداقة قوية بالشيخ عبد الحميد كشك خطيب المسجد، وظل يقرأ السورة فى المسجد حتى انتقاله لمسجد الفتح فى رمسيس عام 1985، قارئًا للسورة حتى وفاته عام 1992 للميلاد.. وکان یتمتع بصوت جمیل وأداء رائع بدأ تلاوة القرآن الکریم بإحتراف وأصبح یتبع أسالیب کبار القراء کما کان یرغب کثیراً فى أسلوب الشیخ «مصطفی إسماعیل» وکان یتبع أسلوبه.

وتأثر الشيخ محمود البجيرمى أكثر ما تأثر بمدرسة القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل، وذلك قبل أن يستقل بشخصيته القرآنية ويفسح لنفسه مكاناً واضحاً بين نجوم التلاوة بما حباه الله من صوت عذب جميل، وأسلوب فريد ميزه عن قراء عصره، حتى نافس عباقرة التلاوة وأصبح ملء السمع والبصر على امتداد عشرين عاماً ما بين نهاية الستينيات ونهاية الثمانينيات من القرن الماضى، وذلك فى أعقاب تعيينه قارئًا بمسجد «عين الحياة»، وهو قارئ مجيد لا تخطئه الأذن يتمتع بملكات خاصة فى القراءة إضافة إلى وقاره وهيبته اللتين تغشيان النفس لأول وهلة.. وإنضم الشیخ العام 1986 میلادی إلی الإذاعة المصریة حیث تلی القرآن إلی جانب کبار القراء فی مصر کما کان یتلو القرآن الکریم فى المحافل والمجالس القرآنیة التى تغطیها الإذاعة آنذاك.. وأدى انتشار شهرته وسمعته فى جميع أنحاء البلاد الإسلامية إلى دعوته إلى بلدان مختلفة لقراءة القرآن، وسمعه الملحن والموسيقار محمد القصبجى، فقال له: «إن صوتك مميز جدًا لولا أن حرصك الشديد على التلاوة جعل لديك بطء فى بعض الحروف»، فأرسل له عازف الكمان والملحن عبدالمنعم الحريرى، لكى يدربه على المقامات الموسيقية فى منزله بمصر الجديدة، كما سمعه الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، وكان يتلو «البجيرمى» من سورة الضحى فقال له: «إننى لحنت أنشودة الشرق، من الموسيقى الضمنية للقرآن الكريم فى سورة الضحى، كما تقرأها أنت».

وبعد أعوام من تلاوة القرآن الکریم وخدمة کتاب الله فارق الشیخ محمود البجریمى العام 1992 الحیاة.