الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بها مكان تغسيل الموتى

«خانقاة» بناها سلطان مملوكى تنفيذاً لوصية والده بأن يدفن تحت أرجل العلماء والفقراء

تعد جبانة المماليك او ما يعرف بالقرافة الشمالية من المواقع الأثرية الغنية بالتاريخ فى مصر، حيث تضم عشرات من المنشآت الأثرية المهمة من عصر مختلفة فى الحضارة الإسلامية، والتى تجمعت فى مكان كان أساسا ميدانا للألعاب الرياضية أنشأه السلطان الظاهر بيبرس البنقدارى سنة (666هـ/1267م)، وكان السبب فى إنشاء هذا المكان تدريب الجيش بل والشعب على فنون القتال والفروسية.



ومن أبرز وأروع المنشآت هناك خانقاة السلطان الناصر فرج بن برقوق(801-813هـ/1400-1410م)،والتى كشف لنا حكايتها د.عبد الحميد عبد السلام أبو عليو وكيل متحف عواصم مصر، حيث لم يكن السلطان فرج هو السبب فى اختيار موضع او مكان الخانقاة، وذلك كما قال الدكتور عبد الحميد.

بل إن والده السلطان برقوق عندما توفى أوصى بأن تعمر له تربة بالصحراء خارج باب النصر تجاه تربة الامير يونس الدوادار بثمانين الف دينار، ويشترى بما فضل من عمارة التربة المذكورة عقار ليوقف عليها، وان يدفن فى لحد تحت أرجل العلماء والفقراء المدفونين هناك، ولما توفى فى 15 شوال سنة 801هـ نفذ السلطان الناصر فرج بن برقوق وصيته، وهذا يدل بما لا يدع مجالا للشك عن حسن الأدب والولاء والتقدير واحترامه لذكرى والده. والمنشئ هو الملك الناصر زين الدين ابوالسعادات فرج بن الملك الظاهر برقوق بن أنص العثمانى، والذى جلس على سرير الملك بقلعة الجبل صبيحة يوم الجمعة الخامس عشر من شهر شوال سنة 801هـ، فبايعة أمير المؤمنين المتوكل بحضرة القضاه الاربعة وشيخ الاسلام سراج الدين عمر البلقينى الشافعى، وبحضرة الاتابكى أيتمش البجاسى وسائر الامراء.

ولقد قامت هذه المنشأة بالعديد من الوظائف وذلك حسبما ورد فى نصوص الإنشاء العديدة بها، فمنها ما هو فى الواجهة الرئيسية او على عضادتى المدخل او بأعلى الصحن او فى مربع القبة، ولكنها فى المقام الاول تربة الحق بها قبة للرجال وأخرى للنساء، ونصت جميع النصوص ولا خلاف على ان بانى هذة المنشأة هو السلطان الناصر فرج بن برقوق. فيما عدا النص الموجود على باب قبة الرجال الذى يفيد فيما معناه ان الذى امر ببناء هذه المنشأة السلطان الملك المنصور عبد العزيز وهى محاولة منه ليثبت انه هو صاحب الفضل فى بناء هذة المنشأة، وعلى الرغم من ان السلطان المنصور عبد العزيز حاول ان يثبت ان هذه المنشأة له، الا انه أكد لنا خلال هذا النص حقيقة تاريخية وهى انه تولى الحكم فترة ما أن عزل السلطان برقوق وتولى هو مكانه سلطانا على مصر.

كذلك فقد قامت هذة المنشأة بوظيفة الخانقاة والمسجد الجامع، يشهد على ذلك ما وجد بها من عناصر معمارية مثل المأذنتين ودكة المؤذنين ( المبلغ)، ولقد قام السلطان الاشرف ابو النصر قايتباى بتجديد المنبر والدكة وعليها نصوص كتابية تفيد ذلك.

وهذه المنشأة تتكون بشكل عام من مساحة تكاد تكون مربعة، عبارة عن صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة اروقة منفصلة أكبرها رواق القبلة، وتحتوى على العديد من الوحدات المعمارية تتمثل فى ضريحين وسبيلين وكتابين ومئذنتين، وحوض لسقى الدواب ومكان تغسيل الموتى.