الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 أكاذيب تكنولوجية (1)

أكاذيب تكنولوجية (1)

مما لا شك فيه أن التطور العلمى الكبير الذى تحقق خلال القرن العشرين لا يمكن مقارنته بأى تطور حدث خلال عمر البشرية كلها منذ بدء الخليقة، هذا التطور شمل جميع المجالات تقريبًا, ولكن عندما نتحدث عن مجال الاتصالات والشبكات, فإن الأمر قد يكون ملحوظًا بدرجة أكبر، فالانتقال من الحواسب كبيرة الحجم ضعيفة الإمكانيات إلى أجهزة صغيرة الحجم مهولة الإمكانيات ثم إلى الحواسب والهواتف المحمولة والذكية, بالإضافة إلى التطور فى تقنيات نقل البيانات بأنواعها المختلفة من خلال كوابل الألياف الضوئية وشبكات المحمول والأقمار الصناعية وتطور شبكة الإنترنت بما تحمله من تطبيقات وقواعد بيانات وشبكات تواصل اجتماعى وصولًا إلى تقنيات الذكاء الاصطناعى الحالية، فإن الأمر يبدو أكثر وضوحًا وقربًا من الجميع، فعلى سبيل المثال لا نجد أن الجميع يعرف ما حدث من تطور فى صناعة السيارات أو الأجهزة الطبية مثلًا إلا إذا احتك بها بصورة أو بأخرى، أما التطور التكنولوجى فى مجال الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات فالأمر مختلف.



هذا الاختلاف جعل البعض ينبهر عندما يجد تطبيقات الإنترنت المختلفة تعرض له مواد أو موضوعات أو سلعًا أو خدمات يحتاجها بالفعل، ومع تكرار هذا الموقف اعتبر البعض أن سبب هذا العرض لايمكن أن يفسر على أنه مجرد صدفة, ومن هنا أعلن البعض وبكل ثقة أن تلك الشبكات تتجسس على مستخدميها حتى وهى مغلقة تمامًا، فالكاميرا تصور والمايكروفون ينقل المحادثات التى يقوم بها المستخدمون خارج تلك التطبيقات ويقوم بإرسالها إلى شركات متخصصة مثل تلك التى تقدم محركات البحث أو تطبيقات التواصل الاجتماعى, حيث يجرى تحليلها والتعرف على اهتمامات المستخدمين وأذواقهم واحتياجاتهم، ومن ثم تقوم بإعداد محتوى ملائم لما يفكرون فيه بالفعل، وهنا نجد البعض يجزم أن ذلك يحدث حتى مع غلق تلك الأجهزة وفصل التغذية الكهربائية عنها تمامًا، بل وصل الأمر بالبعض إلى الإيمان بأن تلك الأجهزة - الهواتف والحواسب وحتى أجهزة الاتصال (الراوتر) - تستطيع قراءة الذبذبات والموجات الكهرومغناطيسية التى يصدرها العقل البشرى وتستطيع تحليلها, ومن خلال هذا التحليل تتعرف على احتياجاتهم دون أن يصرحوا بها سواء من خلال الكتابة والبحث عبر شبكة الإنترنت أو من خلال الدردشة مع الأصدقاء فى وجود الهواتف مفتوحة أو مغلقة، والحقيقة أن ما يتم حاليًا هو عبارة عن استخدام لتقنيات الذكاء الاصطناعى لتحليل كل البيانات التى يدلى بها المستخدم أو تصدر من الأجهزة الذكية التى يستخدمها هو ومن يجلس معه ومن خلالها يتم عرض المحتوى المناسب له وذلك بدرجة نجاح عالية, هى ما دفعتهم إلى الاعتقاد فى التنصت، أما موضوع التقاط الموجات الصادرة عن المخ وإرسالها عبر الشبكات حيث يتم تحليلها فإن هذا الأمر غير حقيقى قولًا واحدًا, لكن هذا لا يمنع أن بعض معامل الأبحاث الطبية الكبيرة تبحث فى كيفية قراءة الأفكار من خلال تلك الذبذبات وكذا أيضًا كيف يمكن التحكم فى سلوك البشر من خلال إرسال ذبذبات كهرومغناطيسية إلى عقولهم ولكنها ما تزال تجارب أولية لم تصل بعد إلى درجة الدقة أو النضج المطلوبين.