الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الغضب الأزرق

الغضب الأزرق

منذ استحوذ رجل الأعمال الأمريكى أيلون ماسك على منصة التواصل الاجتماعى الشهيرة «تويتر» وفى تغريدته الأولى أشار إلى نظام جديد للتمتع بعلامة التوثيق الزرقاء يقتضى دفع اشتراك شهرى قيمته 8 دولارات متخيلًا أن تحويل تلك الميزة المجانية إلى خدمة مدفوعة يمكن أن يزيد من الإيرادات التى يحققها التطبيق خاصة بعد تراجع عوائد الإعلانات منذ أعلن عن نيته فى شرائه، كل ذلك بالرغم من المميزات الإضافية الأخرى التى يتيحها الاشتراك مثل إمكانية إعادة تحرير التغريدات وإمكانية كتابة منشور يشمل على أكثر من 280 حرفًا وأن تظهر تلك التغريدات إلى عدد أكبر من المستخدمين مقارنة بالتغريدات المجانية ولكن النتيجة لم تكن كما يتوقع حيث لم يزد عدد المشتركين خلال أول شهرين وحتى يناير الماضى عن 290 ألف مشترك حول العالم من أصل 450  مليون مستخدم.



هذه النسبة البسيطة دفعت رجل الأعمال إلى إلغاء الفروق الظاهرة بين المستخدمين ذوى العلامة الزرقاء الذين يسددون الاشتراك الشهرى وبين المشتركين القدامى قبل اعتماد وتفعيل تلك السياسة الجديدة ثم قام بعد ذلك بإلغاء تلك الخاصية لعدد كبير من الحسابات التى لم تقم بالاشتراك فى الخدمة الجديدة ومنهم عدد كبير من نجوم الفن والسياسيين وعدد من وكالات الأنباء والصحف والمحطات الأخبارية على أمل أن يدفعهم هذا الأمر إلى الانصياع للشروط والاشتراك فعليًا وهو ما لم يحقق نتيجة تذكر تقريبًا حيث لم يزد عدد المشاهير الذين قاموا بالاشتراك بعد هذا القرار عن 5% من إجمالى الحسابات المنزوعة، الأمر الذى أجبر ماسك على إعادة العلامة الزرقاء لعدد منهم مرة أخرى وسط موجة كبيرة من الغضب والحنق ظهرت فى الكثير من التغريدات التى رفض أصحابها الاشتراك فى الخدمة بل وصل الأمر ببعضهم إلى إغلاق حساباته فيما طالب البعض شركة تويتر بمقابل مادى مقابل ما ينشرونه من أخبار يطالعها ملايين المتابعين وذلك مثلما فعلت بالفعل عدد من الصحف الشهيرة.

والحقيقة أن رجل الأعمال الشهير الذى يعتبره البعض الإنسان العبقرى الوحيد فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلا أنه قد جانبه الصواب فى هذا الأمر تماما، بالرغم من قيمة الاشتراك الشهرى ليست كبيرة-8 دولارات- إلا أن المقاومة والرفض كانا أكبر مما توقعه الرجل وربما تؤدى تلك الإجراءات إلى خسارته المزيد من المستخدمين والمزيد من التفاعل والإقبال على استخدام التطبيق أيضا ولا سيما أن الاشتراك الجديد لا يحتاج اكثر من رقم تليفون وبيانات بطاقة ائتمان لإتمام عملية التوثيق وليس إلى صورة من بطاقة الهوية للمستخدم كما كان معمولا به من قبل وهوما يفتح بابا واسعا إلى التوثيق الزائف للحسابات تماما مثلما حدث مع أحد الحسابات التى ادعت أنها لمسئول فى الجيش السودانى يصرح من خلالها بمقتل محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتى وهوما تم تدراكه فيما بعد وإغلاق هذا الحساب الزائف، ولكن ذلك الواقع يدلل على أن اسلوب التحقق الجديد اضعف بكثير من الأسلوب القديم وقد يؤدى إلى زيادة انتشار الأخبار الكاذبة وفقدان المصداقية فى العلامة الزرقاء، وما يزال الصراع وما تزال محاولات إيلون ماسك قائمة لمحاولة الحصول على اكبر ربح ممكن من تلك الخاصية وذلك حتى كتابة هذه السطور، فهل تحمل لنا الأيام القليلة القادمة حلا أو ترضية أوصيغة توافقية تعيد للتطبيق وعلامته الزرقاء البريق والمصداقية السابقتين؟... سنرى.