الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مناقشة «حليم بين الماء وبين النار» للكاتبة رضوى الأسود

عقدت الكاتبة رضوى الأسود ندوة لمناقشة كتابها « حليم بين الماء وبين النار» فى مبنى قنصلية بحضور الكاتب الدكتور محمد عفيفى والإعلامى والناقد خالد منصور والناقد أيمن الحكيم وبحضور عدد من الكتاب والمثقفين.



بدأت رضوى الأسود حديثها بتعريف مصطلح «السيرة»، طبقًا ل توماس كارلايل، فتعنى: «حياة إنسان».

 ثم أوضحت الفارق بين السيرة الذاتية والغيرية، وتحدثت عن مشاكل السيرة الذاتية فى المجتمعات العربية التى تذخر بالعيب والحرام والتابوهات والنقد المجتمعى، ما يجعل صاحبها يتحايل فى كتابتها، فيخفى ويوارى ولا يذكر بعض أو الكثير من الحقائق.

وقد أوضحت الكاتبة أن تجربة السيرة الروائية تجربة مختلفة وجديدة بالنسبة لها، وأنها تخوضها لأول مرة، كما خاضت التجارب الكثيرة من قبل والتى لا تشبه الواحدة الأخرى، وقد تحدثت عن أنها سيرة داخل الإطار الواسع وغير المحدود للرواية.

وأن كونها فى الأصل روائية، فلم يكن تحويل سيرة لرواية أمرًا مستحيلًا، وعلى الرغم من ذلك، فقد توقفت كثيرًا أمام المفتتح، من أين وكيف تبدأ، وكيف يكون جاذبًا للقارئ، وكذلك أمام الحياة العاطفية لحليم والتى كثر فيها الحديث والحكايا الملتبسة والمتناقضة تمام التناقض.

وقد صرحت أنها استعانت بمصادر عدة، كان أهمها كتاب «قصة حياتي»، وهى سيرة ذاتية رواها حليم بنفسه.

الكتاب مكون من  24 فصلًا قصيرًا، قدمت فيه الكاتبة جرعة مكثفة عن مجمل حياة حليم، لم تغفل محطة، دون ذرة ملل، كما كانت اللغة تتشكل بحسب موضوع كل فصل، ققحالة كان الفصل رومانسيًا، فستجد اللغة ناعمة، هادئة، ولو فصل عن الحرب، فستجد اللغة قوية وحماسية، وهكذا.

الفقرة اللى جايه دى.. ممكن تحطيها تحت كلامى، أو تنسبيها للمناقشين (د. محمد عفيفى تحديدًا) لأننا قلناه تقريبا هو هو حليم شخصية روائية بامتياز، أقرب للأسطورة، لذا كتُبَ عنه وسيُكتَب عنه الكثير، وشيرحة أو مقطع واحد من حياته كفيلة بإنتاج كتاب كامل، مثل: المرض، اليتم، المجهود الحربى، علاقته بناصر.

حليم كان صوت ثورة 1952، وسواء اتفقنا أو اختلفنا حول التجربة الناصرية، فيجب أن نعترف أن صوت حليم، لم يتجمع حوله الشعب المصرى فقط، ولكن الشعوب العربية بأكملها من المحيط إلى الخليج، فكان صوته حلمًا وأملًا فى مستقبل سياسى واقتصادى واجتماعى أفضل.

 لذا حليم أسطورة قد لا تتكرر، فمن الصعب تكرار تلك الموهبة الجبارة، مع الذكاء الحاد، مع الظروف السياسية الاستثنائية التى توافرت له، وساعدته أن يكون «عبد الحليم حافظ». ومن نسيج الكتاب :

«تتأمل صوره المعلقة على الجدران، تلك التى يقف فيها بمظهره ملوحًا بيديه لأعضاء الفرقة الماسيَّة، كم كان يهوى لعب دور المايسترو! وتلك التى يلبس فيها بلوفر أسود، وتحته قميصًا أبيض، ويميل برأسه قليلًا إلى جانبه، وعلى وجهه ابتسامة عريضة تكشف عن أسنان الفك العلوى بالكامل، وتلك التى يجلس فيها فى شرفة واسعة، مريحة، فوق كرسى منخفض (فكَّرَت أنه «شيزلونج» مطوى)، ويرتدى ملابس شتوية ثقيلة، وينظر إلى الكاميرا نظرة جانبية يسكنها حزن لا تُخطئه العين.. عيناها، وتلك التى تبدو غير رسمية بالمرة، ويرتدى فيها قميصًا بنيًّا وبنطالًا أزرق اللون ويضم قدمًا إلى صدره، عاقدًا فوقها يديه، وفيها يظهر بشكل وسيم جدًّا على الرغم من إمساكه عن الابتسام، فقط يرسل نظرة إلى الهناك، نظرة لائمة، متسائلة.

فجأة تلمحه واقفًا باتجاهها ومُديرًا ظهره للشرفة، كانت تشعر أنها فى حلم، بل كابوس مخيف، تفكر أنه لو فنى العالم كله، فهو لن يفنى، لقد قاوم كثيرًا، وسيظل يقاوم، إنه غير منذور للموت، بل للحياة، لحياة صاخبة! تعلم أنه اختُبِرَ طويلًا، وأنه نجح فى الاختبار، وأن مكافأته هى ألَّا يموت .. أن يظل حيًّا .. من أجلها!

تنتفض واقفه، تفكِّر كيف لا يفعل الباقون مثلها؟! كيف لا يهُبُّون من أماكنهم، كيف يتركونه هكذا ولا يهرولون باتجاهه، كيف لا يتسابقون فى عناقه وتقبيله؟!

تسير بخطوات عمياء عن كل ما حولها بينما تُبصره هو، تتجه نحو الشرفة فيما تنهمر الدموع من عينين سكن فيهما ذهولٌ مخيف، تخطو باتجاهه، كلما سارت أكثر، كلما اتضحت ملامحه أكثر، تتبيَّن وجهه الذى اكتسى مؤخرًا بمسحة حزن عميقة واحتقان، على الرغم من محاولة التحكم فيه، لكن يظل واضحًا، أما عن جسده النحيف، فكان يليق بطفل!

تقترب، تريد لمس وجهه، فتُبصِر شريطًا من الذكريات، شريطًا لم يمر أمام عينيها، بل مضى فوق جسدها يقطّعه إربًا، كقطار سريع يساوى بالأرض كلّ ما يقف أمامه!».

صدر لرضوى الأسود العديد من المؤلفات هي، حفل المئوية، دار الياسمين للطبع و النشر والتوزيع، 2010، تشابك، دار الكتاب العربى، 2013، كل هذا الصخب، دار مقام للنشر والتوزيع، 2015، زجزاج، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، 2018، أديان وطوائف مجهولة - جوهر غائب ومفاهيم مغلوطة، مؤسسة بتانة الثقافية، 2018، بالأمس كنت ميتا: حكاية عن الأرمن و الكرد، الدار المصرية اللبنانية، 2020، سيد قطب : رحلة بين ضفاف أسطورة التناقضات، دار سما، 2022، خداع واحد ممكن، دار الشروق، 2022.