الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
دموع «روزاليوسف» ووفاة سعد زغلول!

دموع «روزاليوسف» ووفاة سعد زغلول!

ذات صباح من شهر أغسطس سنة 1927 وبينما كانت السيدة «روزاليوسف» فى باريس طلبًا للراحة ورؤية زوجها الفنان المخرج «زكى طليمات»، وأثناء تصفحها لجريدة «بارى سوار» الفرنسية طالعت خبرًا يقول إن سعد زغلول قد مات! وكان للخبر وقع أليم على نفسها!



وتروى «روزاليوسف» فى ذكرياتها الصحفية قائلة:

«عادت إلىّ فى باريس ذكريات أيامه الحافلة، المظاهرات التى سرت فيها من أجله والساعات التى وقفتها استمع إليه، وأخذت أجاهر بمظاهر عظمته، والجهاد الكبير الذى كان يتزعمه وكان يضمنا جميعًا. وأن سعد زغلول رجل عظيم قام يحرر هذا البلد وأحببت سعد زغلول حبًا عظيمًا.

وحزنت حزنًا شديدًا ولزمت غرفتى يومين لا أبرحها حاولت أثناءها أن أسجل دموع العين والقلب فى سطور فلم أستطع، وهجس بخاطرى أن أهجر الصحافة، ولكن سرعان ما زال هذا الهاجس بعد أن أمعنت النظر فى الماضى وفى جهاد عامين مليئين بالمفاجآت والحوادث!

وحمل البريد إلىّ العدد 95 من «روزاليوسف» مجللا بإطار أسود حزنًا على فقيد البلاد وباعث نهضتها وفيه كتابان ـ مقالان ـ من الأستاذين «عبدالعزيز البشرى» و«عبدالرحمن صدقى» ينبضان بما يحس به كل مصرى يستشعر فداحة المحنة التى نزلت بالبلاد بفقد «سعد زغلول» صدرت المجلة تحمل على صدرها صورة مهيبة لسعد فكانت أول مرة تظهر فيها صورة رجل سياسى على غلاف المجلة!

وبعد وفاة سعد بيومين أصدر مجلس الوزراء قرارًا بجعل بيت «سعد» أو بيت الأمة ملكًا للحكومة والشعب وأوفدت الوزارة اثنين من مكتب مجلس النواب لعمل قائمة بمحتويات مكتبة سعد، وكان أحدهما الأستاذ «عثمان رمزى» ابن أخت زوجى ـ زكى طليمات ـ وهو الآن قاض بالمحاكم الأهلية، وعثر الأستاذ «رمزى» على كراسة تتضمن بعض مذكرات الفقيد العظيم، فقطع منها بعض الشىء وسلمه إلى هيئة تحرير المجلة.

وصدر العدد 98 بتاريخ 22 سبتمبر سنة 1927 محلى بثلاث صفحات تحوى هذه المذكرات بعد تنميقها وصياغتها فى أسلوب صحفى أخاذ! وعجب الناس بهذه المذكرات وإذا عجب الناس بما تنشره صحيفة اقبلوا على قراءتها.

وحصل ذلك بالفعل فارتفعت مقطوعية ـ توزيع ـ المجلة بعض الشىء، وكان ذلك سببًا فى أن عدت ألح فى تكبير حجم المجلة ورفع ثمنها إلى قرش صاغ، لا سيما أن الأستاذ «التابعى» أصيب بفتح الشهية للجلوس على مائدة السياسة، بعد أن تحركت أقلام كثيرة للكتابة فى مأثر «سعد» وفى الموقف السياسى الدقيق الذى كان على القضية المصرية أن تجتازه، بعد وفاة قائدها الأكبر».

الجدير بالذكر أن «روزاليوسف» عندما نشرت هذه التفاصيل فى الحلقة الثامنة من ذكرياتها الصحفية بتاريخ 6 يونيو سنة 1938 وقامت الدنيا ولم تقعد، عادت فى الحلقة العاشرة ـ 20 يونيو 1938 ـ ونشرت توضيحًا قالت فيه:

تلقينا من الأستاذ «عثمان رمزى» خطابًا يتنصل فيه من إنه أمد أحد محررى هذه المجلة ببيانات شفوية عن بعض ما ورد فى مذكرات المغفور له «سعد باشا» ومما نشرته المجلة ونحن نسجل هذا التنصل العجيب عملًا بحرية النشر ولا نعلق عليه بشىء لأن التعليق عليه يجرنا إلى ما لا نحب أن يكون ما بيننا وبين الأستاذ «رمزى» وفى هذه الكفاية كما نعتقد!».

واكتفت السيدة «روزاليوسف» بنشر رد «عثمان رمزى» ولم تشأ أن تدخل فى معركة لا لزوم لها فى ذلك الوقت وحسب قولها: «أعقبت وفاة سعد فترة من الاضطراب والحيرة فالفراغ الذى تركه سعد كبير والموقف السياسى دقيق جدًا، وبات متوقعًا أن ينتهز الإنجليز والسراى فرصة وفاة «سعد» لمحاولة العصف بالوفد وبدأت صفحات الجرائد المعادية للوفد تخوض فى الحديث عمن سيخلف سعد فى رئاسة الوفد محاولة أن توقع الشقاق بين أعضاء الوفد الكبار! وللذكريات بقية!