الحوار الوطنى ضرورة مستمرة

منذ دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى فى أبريل من العام الماضى والنقاش لم ينته بين مؤيد ومرحب وبين محايد أو غير مرحب على الإطلاق وفى تقديرى فإن غير المرحب ربما يشعر بأن الحديث سيكون مكررا وأن القضايا معروفة وآليات الحل أيضا، أما عن المحايدين فربما يكون لذلك الحياد اسباب كثيرة منها على سبيل المثال عدم المعرفة بأهمية حوار وطنى موسع تشارك فيه كل الاطراف من الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والنخب السياسية والعلمية والمثقفين والفنانين والإعلاميين واعضاء البرلمان بغرفتيه للعمل على عشرات الآلاف من الأفكار والمقترحات والتى اتيحت خلال الفترة السابقة حتى وصلنا الى الجلسة الافتتاحية للحوار الوطنى الاربعاء الماضى.

وقبل أن نستطرد فى توصيف الحوار الوطنى ومنهجية العمل واللجان وخلافه يكفى أن نشير إلى أن المحاور الثلاثة الأساسية فيه هى المحاور الثلاثة لأى دولة وهى المحاور الثلاثة الرئيسية لأى مركز فكر أو مركز بحثى يعنى بالتنمية، قبل أن أعود الى مشهد الافتتاح والذى جالت فيه الكاميرا بين وجوه الحاضرين فرأينا كل الأطياف وكل التخصصات وكل التوجهات السياسية والاقتصادية المختلفة حتى ان البعض انتقد وجود بعض الشخصيات نظرا لارتباطها بأحداث قديمة غير سارة، ولذلك فإن هذا التنوع والشمول أراه صحيا للغاية فالبديل هو العودة الى الغوص فى مستنقع شبكات التواصل الاجتماعى على الرغم من ان آثارها السلبية قد طالت الجميع سواء على المستوى النفسى أو العصبى أو حتى على المستوى السياسى والاقتصادى والدينى وغيرها، وهنا نجد ان حوارا وطنيا منضبطا ومنظما وفعالا هو الأسلوب الامثل للاستماع الى الجميع بحيادية وشفافية شريطة أن يكون الحوار  بناء ويتسم بالعملية، فمن يقترح يجب أن يوضح أهمية هذا الاقتراح وأولويته وما هو العائد والمردود وما هى التأثيرات المصاحبة له على باقى المجالات ثم لن يكتمل المقترح إلا بتوضيح كيفية التنفيذ، فخلال عملى بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار تعلمنا ان إعداد المقترحات أو الدراسات يحتاج الى سلسلة متصلة من الأنشطة تبدأ بآلية جمع وتنقيح البيانات ثم تحليلها ثم عمل نماذج رياضية ومستقبلية ينجم عنها عدة بدائل تشمل الإجابة عن اسئلة تبدأ بماذا ولماذا وكيف وبأى تكلفة والزمن المستغرق ثم وبمقارنة تلك البدائل يتم الاستقرار على بديل منها يتم وضع خطة تنفيذية لتحقيقه تشمل تحديد المسئوليات والموارد والخطة الزمنية وكذا أيضا وضع مؤشرات لقياس العائد، كل تلك الأمور وغيرها هى ما يميز أن يتم النقاش حول أولويات الوطن من قبل هؤلاء المتخصصين وبالآلية العلمية المتبعة بعيدا عن ضجيج وصخب شبكات التواصل الاجتماعى التى لا يمكن بأى حال من الأحوال الوصول الى نتيجة واحدة فى موضوع واحد ضمن آلاف الموضوعات التى تتراقص أمام مستخدميها.