الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
50 سنة محمول

50 سنة محمول

فى الثالث من شهر إبريل الماضى يكون قد مر خمسون عامًا بالتمام والكمال على تجربة إجراء أول مكالمة هاتفية باستخدام الهاتف المحمول، قام بهذه التجربة مارتن كوبر الذى كان يعمل مهندسًا فى أحد أكبر شركات الاتصالات الأمريكية فى ذلك الوقت وكان شريكه فى المكالمة على الطرف الثانى جويل انجل رئيس مختبرات بل Bell Labs الشهيرة ومنذ ذلك اليوم بدأت رحلة الهاتف المحمول فى الصعود والارتقاء.



الفترة التالية لإجراء أول مكالمة باستخدام ذلك الهاتف الذى كان يزن نحو 1.1 كيلو جرام وتكلفته فلا حدود 3900 دولار كانت تتسم بالهدوء، ربما لعشر سنوات تالية، قضاها فى محاولة تطوير المنتج والفكرة واقناع الجهات البحثية والشركات والأجهزة الحكومية بالأمر، واستمر ذلك حتى عام 1983 والذى شهد أول هاتف محمول فى الأسواق بتكلفة نحو 400 دولار أمريكى يمكن ان نعتبرها حاليًا بأكثر من عشرة آلاف دولار بحساب معدلات التضخم، وهو الأمر الذى استمر حتى نهاية الثمانينيات  ويعرف بالجيل الأول 1G  وحتى ظهور تقنية الجى اس ام GSM فى عام 1991 المعروفة ب 2G والتى تمكن من ارسال رسائل نصية صغيرة SMS والتى بدأت فى العام التالى مباشرة بالإضافة الى الانتقال من أسلوب الاتصال الخطى Analog إلى الرقمى Digital، ثم انتقلنا إلى عام 1995 حيث قل حجم الهاتف وأصبحت شاشته أكبر وذات ألوان بسيطة أساسية، ثم مع نهاية الالفية الثانية وقبل بداية الالفية الثالثة وتحديدا فى عام 1999 ظهرت تقنية الـWAP كبداية لبروتوكول نقل البيانات وعمل الصفحات الالكترونية البسيطة وارتفاع ترددات الاتصال أيضا.

تلا ذلك فى عام 2001 ظهور الجيل الثالث 3G بسرعات أكبر كثيرا للدخول على شبكة الإنترنت وتزامن مع هذا ظهور الهواتف الذكية ذات الشاشات الكبيرة حيث تم استبدال لوحة المفاتيح بها والتحول إلى اللمس بدلا من الضغط كما كان فى السابق وهو الأمر الذى حدث بداية من عام 2007 وحتى 2009 حيث بدأ الجيل الرابع فى الظهور 4G والذى يتميز بسرعات عالية فى نقل لبيانات بأشكالها المختلفة وزيادة الوظائف التى يقوم بها الهاتف حيث لم يعد يستخدم فى الاتصالات التليفونية فقط واستمر التطور فى الإمكانات والحجم والتطبيقات حتى وصلنا إلى عام 2018 وبداية الجيل الخامس 5G والذى يتميز بسرعات فائقة بالفعل فى نقل البيانات-100 ضعف السرعات الحالية فى الجيل الرابع ـ ولكن نظرا لارتفاع التكلفة وعدد من المشكلات السياسة الأخرى بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين فى صراعهما السياسى الاقتصادى التقنى لم ينتشر بالقدر المخطط له، حيث بلغت نسبة الشبكات العاملة من خلال تلك التقنية إلى نحو 25% من اجمالى شبكات المحمول حول العالم حتى الآن، وعلى الرغم من ذلك فان الأبحاث تجرى حاليا لاختبار شبكات من الجيل التالى-الجيل السادس 6G- بسرعات مهولة ومن المتوقع أن تصبح متاحة فى الأسواق خلال العقد الرابع من هذا القرن.

والحقيقة أن تسمية تلك الشبكات بشبكات الهواتف المحمولة يخرجها عن السياق الحالى للاستخدام والذى اظهر أن 42% فقط من أصحاب تلك الهواتف يستخدمونها لإجراء مكالمات تليفونية فقط وهى نسبة كبيرة ولكنها أخذة فى التناقص ففى عام 2017 كانت تلك النسبة فى حدود 54%.

وبغض النظر عن هذا الاستعراض للتطور التقنى للهاتف المحمول فإن اثاره وتأثيراته على البشر فى جميع المجالات لا تكفيها مقالات أو أبحاث أو كتب فربما نحتاج إلى إعادة كتابة مصير الإنسان بعد سيطرة هذا الابتكار عليه.