الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 روزاليوسف واختيار خليفة سعد زغلول!

روزاليوسف واختيار خليفة سعد زغلول!

كان سؤال الساعة الذى يشغل بال المصريين جميعا بعد وفاة الزعيم «سعد زغلول» فى أغسطس سنة 1927 هو من الرجل الذى سيخلفه فى قيادة الوفد وهو الزعيم التاريخى فى ذلك الوقت!



وتكتب روزاليوسف قائلة: مات «سعد زغلول» بعد أن كتب بجهاده فى سبيل مصر ملحمة المجد فى نسقها العالى وقامت مصر بأسرها فوسدت ذكراه قلوب أبنائها فكان لسعد فى كل قلب معبد ومحراب، مات سعد مخلفا رسالة الجهاد ومبادئ الوطنية العالية، مات والقضية المصرية تجتاز مراحل دقيقة وتسلم رفاقه ومريدوه الرسالة، وهى رسالة لا التواء فيها ولا غموض!

وبدأت معركة اختيار خليفة «سعد زغلول» وتكتب روزاليوسف:

«حين أعود إلى أعداد روزاليوسف الصادرة فى ذلك الوقت أجدها قد لعبت دورًا فى هذه المعركة الدقيقة لحساب الشعب الذى كان متجمعا كله وراء الوفد، ففى العدد الصادر يوم 22 سبتمبر عام 1927 هاجمت روزاليوسف الصحف المعادية للوفد التى بدأت ترشح المرحوم «فتح الله بركات» لرئاسة الوفد وتفضله على «مصطفى النحاس» وكانت صحف حزب الاتحاد تقصد بهذه الترشيحات إيقاع الفرقة بين أعضاء الوفد، وكان الخلاف على اختيار الرئيس موجودا فعلا ولكنه مستور ولم يكن من المصلحة أن يتسع، وكان أغلب الأعضاء يميلون إلى اختيار النحاس لأنه أقرب إليهم من «فتح الله بركات» الذى كانوا يخافون من شخصيته القوية الطاغية!

واجتمع الوفد وقرر اختيار النحاس رئيسا له، ومع أن روزاليوسف اشتركت فى تزكية النحاس والدفاع عنه إلا أنها كتبت فى العدد الصادر يوم 29 سبتمبر 1927 كلمة لبقة عن مصطفى النحاس فيها تنبؤ غريب بمستقبله السياسى جاء فيها:

«ليس هناك بين الذين رشحوا أنفسهم أو رشحهم غيرهم من هو أنقى صفحة وأطهر ذيلا من «مصطفى النحاس» فتاريخه معروف ومواقفه المشرفة مع «مصطفى كامل» أولا ومع «سعد زغلول» ثانيا معروف للجميع، ومصطفى فوق هذا رجل نزيه جدا، صعب جدا فيما يراه حقا، صريح جدا، أو كما يقولون أن كلمته على طرف لسانه!

ولكنهم يقولون أيضا أن «مصطفى النحاس» متسرع جدا والكلمة التى تستعملها الدوائر السياسية عن صفة التسرع هى كلمة «مدب» وهم من أجل ذلك يقولون إنه ليس من المستحيل أن يكثر وقوع التصادم بين النحاس باشا والحكومة وبينه وبين أعضاء الوفد نفسه!

ولكنا نعتقد أن «مصطفى النحاس» غدا سيكون غيره بالأمس وأن ثقل واجبات الرئاسة التى ألقيت على عاتقه سوف يهدف من حدة تسرعه وأن شعوره بضخامة المسئولية كفيل بحمله على التفكير مرتين قبل أن يتكلم.

هكذا انغمست روزاليوسف فى السياسة إلى قمة رأسها وأصبح لها دور إيجابى فى كل مشكلة من مشاكل الساعة، وبدأ طابع المجلة كله يتطور ونشرت على غلافها أول رسم كاريكاتيرى وكان رسما لمصطفى النحاس رسمه الرسام «حسين فوزى» «الذى أصبح مخرجا سينمائيا بعد ذلك».

واستهلت روزاليوسف عامها الثالث فى فستان جديد فصدر العدد 103 بتاريخ 27 أكتوبر سنة 1927 يحمل على الغلاف ولأول مرة رسما كاريكاتوريا ملونا لسعادة «حسن نشأت» باشا وهو إحدى الشخصيات الكبيرة التى كانت تلعب دورا خطيرا فى سياسة القصر والبلاد وكُتب تحت الرسم البيتان الآتيان: قد أظلم الجو لمقدمه وطيره بالشؤم قد ملآه حلفت إن النحس يلزمه أما ترى شارته حدأة!!

وهما للأستاذ الشاعر رمزى نظيم، وقد حدث بعد ذلك بقليل أن قابلت الأستاذ «حسن نشأت» مصادفة فى مكان عام فابتسم ابتسامته الهادئة وقال لى: بقى أنا وشى نحس يا ست؟! فقلت له ضاحكة: بالعكس ده توزيع المجلة زاد على وشك يا باشا!! وللذكريات بقية!!