الذكاء الاصطناعى ومهنة الطب

الحديث عن تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى مختلف المجالات لا ينتهى، الكل يتساءل ويتعجب ويتخيل وينزعج أو يشعر بالراحة والإثارة، ومن المجالات المهمة التى يكثر الكلام حول مدى تأثرها بتلك التقنيات هو المجال الطبى، بداية من قراءة نتائج التحاليل والاشاعات وتشخيص الأمراض وكتابة العلاج المطلوب، إلى المشاركة فى إجراء عمليات جراحية بسيطة مع الطبيب الجراح وصولا إلى إجراء عمليات جراحية دقيقة بمفرده تماما.

وبغض النظر عن تلك التصورات وعن المدى الزمنى لتحققها كليا أو جزئيا، فإن أحد أهم الأنشطة التى يقتحمها الذكاء الاصطناعى وبقوة هو مجال التدوين الطبى، والمقصود به تلك المهمة التى يقوم بها الطبيب أثناء مقابلته لأحد المرضى، حيث يقوم بتدوين-او تفريغ استمارة- مكتوب بها البيانات الأساسية للمريض وتاريخه المرضى الشخصى والعائلى وكذا أيضا ما يشعر به من اعراض، بالطبع هذا الإجراء يتم لأسباب عدة منها ما هو مرتبط بالإجراءات واللوائح والقوانين وخاصة فيما يخص التعاملات الحكومية ومنها ما هو مرتبط بتسهيل مهمة الطبيب فى الكشف وفى إعادة الكشف فى المستقبل، فلا يحتاج الطبيب إلى الاعتماد على ذاكرته فى تذكر الحالة ولا إلى حدوث خطأ نتيجة النسيان.

وفى هذا الاطار تناقلت وكالات الأنباء خبرا عن قيام شركة مايكروسوفت باستثمار مبلغ 19 مليار دولار فى برنامج يهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعى لمعاونة الأطباء فى كتابة تلك التقارير بصورة أوتوماتيكية وذكية من خلال الاستماع إلى المتحدثات والمقابلات التى تتم بين الطبيب ومرضاه، أى أن التطبيق سيعاون الأطباء فى هذا الأمر الإدارى الممل الذى ينفر منه الكثير من الأطباء بل يعتبرونه عبئا عليهم ومضيعة للوقت والمال أيضا ففى حالة استقدام موظف للقيام بمهمة التسجيل، فإن تكلفة التطبيق فى ثوبه الجديد ستكون أقل كثيرا من تعيين موظف جديد مختص بتلك المهمة.

تبقى الإشكالية فى هذا التطبيق الجديد والذى يدعى Dragon Ambient Experience  -اختصارا DAX- هو احتياجه إلى مراجع بشرى لمراجعة التقرير قبل ارساله إلى الطبيب المختص وهى مهمة بسيطة مقارنة بالأسلوب التقليدى القديم كما أن العمل يجرى حاليا على تطوير تطبيق يعمل بصورة أوتوماتيكية كاملة وهو ما يقابل بعقبتين بسيطتين يمكن التغلب عليهما تدريجيا ألا وهما مقاومة التغيير الموجودة لدى البعض وكذا أيضا شكل التقرير النهائى وهو الذى يختلف من طبيب لآخر على حسب أسلوبه فى الكتابة والتدوين والاسترجاع، اما على الجانب الاقتصادى فمن المتوقع ان يحقق التطبيق فى ثوبه الجديد أرباحا قد تصل إلى نصف تريليون دولار عند الاستخدام على نطاق واسع وتلافى مشكلات اللهجات المختلفة فى نطق الكلمات الإنجليزية وكذا أيضا الانطلاق إلى استخدام لغات أخرى بجانب اللغة الإنجليزية أيضا.