الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عبستك إزاى

عبستك إزاى

الكثير من النظريات تتناول موضوع اللغة ونشأتها و تطورها، منها ما يرى أنها هبة من الله وهو الأغلب الأعم، ولكن نجد آراء أخرى ترى أن اللغة من وضع البشر، وبين هذه النظرية وتلك نجد الكثير من الآراء الأخرى، وبغض النظر عن هذا الجدل الخلافى والذى لم نجد خلافًا فى أى قضية مثلما نجد فى هذا الموضوع، فإن الأمر بالفعل محير، ليس فقط على مستوى اللغات وقواعدها بل يتخطاه إلى اللهجات والكلمات المستحدثة أيضًا، ربما نشعر بذلك ونتعرض له كثيرًا ما بين كلمات جديدة ذات أصل من لغات أخرى، أو مجرد تراكيب لغوية لا يمكن التعرف على معناها إلا بالسؤال أو رصد الموقف الذى قيلت فيه أو الاتفاق فى مجتمع من المجتمعات على التعامل مع تعبير أو كلمة معروفة أو تقليدية واستخدامها فى سياق آخر مغاير تمامًا ربما بفعل عمل درامى أو خطأ غير مقصود فى حوار عام أثار موجة من السخرية والضحك وأدى فى النهاية إلى هذا الاستخدام الغريب ومع الوقت ننسى الواقعة الأصلية أو السبب الأصلى ونتداول الكلمة من جيل لآخر من دون أن نتوقف للسؤال عن المعنى الأصلى أو سبب الاستخدام.



منذ عدة أيام تناقلت شبكات التواصل الاجتماعى جزءًا من محادثة مكتوبة بين أحد مطربى المهرجانات وزوجته انتشرت بعد خلافات بينهما بها الكثير من الأخطاء الإملائية التى تجعل من يقرأها لأول مرة لا يستطيع أن يفهم أو حتى يخمن ما هو المقصود بالضبط إلا بعد الاستعانة بصديق، والغريب أن مثل تلك الوقائع يتم نسيانها لاحقًا فيما تبقى الكلمات الركيكة موجودة وحية ومستخدمة وكما هو معتاد يبدأ الأمر على سبيل المزاح وينتهى بأن تنضم تلك التعبيرات إلى اللهجة الدارجة ولا نستطيع أن نتخلص منها إلى الأبد، بالطبع للأمر جانب آخر فأسلوب كتابة الجملة والتعبير يظهران كم التردى فى مستوى التعليم والثقافة وللأسف هذا الأمر سيصبح معتادًا وعاديًا بعد أن يبدأ بالسخرية قبل أن ينتقل إلى الاعتياد.

عودة إلى تطور اللغات واللهجات وتزاوجها والاستخدام المتبادل للكلمات فيما بينها، أتذكر حديثًا مع أحد الأصدقاء الأعزاء والذى حاول فيه أن يطلعنى على بعض الكلمات فى اللهجة المغربية ومن ضمنها كلمة «بزاف» أى بمعنى كثيرًا وهو ما تعجبت له واعتبرتها كلمة غريبة ثم وجدتنى بعد عدة أيام أتحدث إلى أحد الأصدقاء مستعملًا كلمة معتادة لدينا ونستخدمها كثيرًا للتعبير عن الكثرة أيضًا قائلًا: «بالزوفة» وهنا تذكرت الكلمة الأخرى وبالقليل من البحث وجدت أن أصلهما واحد وأن اللغة تحتوى على فعل «زاف» وأنه يوجد نبات طبى يدعى «الزوفا» أيضًا، وهنا توقفت عن إكمال البحث نظرًا لضيق الوقت ولكن أثارت فى نفسى غريزة حب الاستطلاع للتوقف عند كل كلمة أو تعبير محاولًا معرفة أصلها مثلما عاوننى أحد الأصدقاء لمعرفة معنى «عبستك إزاى وأنتى مش بستانى».