الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مولى راسل واغتيال البراءة

مولى راسل واغتيال البراءة

نتحدث كثيرًا عن التأثيرات السلبية لإدمان استخدام شبكات التواصل الاجتماعى ونشير أيضًا إلى عدد من التوصيات بإجراءات يتوجب علينا تنفيذها للحماية من تلك المضار فهذا ليس حديثًا جديدًا ولكن لا يبدو أن أحدًا على مستوى العالم كله يأخذ الأمر على محمل الجد كما يجب أن يكون، بالطبع لا يمكن تعميم العبارة السابقة فالمحاولات كثيرة ومتعددة ولكنها ما تزال جهودًا متناثرة ولم يستقر العالم كله من حكومات وشعوب على ميثاق أو قانون أو أسلوب متكامل ومتناسق للتعامل مع تلك الأخطار التى لا تدع أى مستخدم صغيرا كان أم كبيرًا إلا وأصابته بضرر ما وبدرجات متفاوتة.



نتذكر جميعًا مولى راسل تلك الفتاة الإنجليزية ذات الأربعة عشر عامًا والتى طالعتنا وكالات الأنباء بنبأ انتحارها فى الأول من نوفمبر من عام 2017 بعد إصابتها باكتئاب ومتابعتها لأحد تطبيقات التواصل الاجتماعى والذى استمر لمدة ستة أشهر فى عرض مواد تساهم فى زيادة حالة الاكتئاب وتوضح لها سبل وطرق الانتحار التقليدية وغير التقليدية أيضًا. وتشير نتائج التحقيقات إلى أن عدد تلك المواد قد تخطى الـ15 ألف منشور شاهدتها الضحية وتفاعلت معها.

فتلك الفتاة التى وجد والداها جثتها فى حجرة النوم لم تظهر أى علامة من علامات الاكتئاب بحسب ما صرحوا ولكنها كانت تتعرض لكم كبير من تلك المواد الضارة، ومع انتقال القضية إلى ساحة القضاء البريطانى نفت شركات التواصل الاجتماعى أن تكون تلك المواد التى شاهدتها الفتاة تحتوى على ما يدعو لذلك بل وصفتها فى عريضة الدفاع بأنها مواد بريئة ولم تعبأ حتى بما أوضحه بعض النشطاء فى الولايات المتحدة الأمريكية من ارتفاع لمعدلات الانتحار بين المراهقين فى الفئة العمرية من 14 إلى 16 بنسبة 146% وذلك بين عامين 2009 و2019 وهى الفترة التى ازداد فبها استخدام تلك التطبيقات واعتمادها على خوارزميات الذكاء الاصطناعى فى تقديم المحتوى للمستخدمين بحسب اهتماماتهم وذلك لأغراض اقتصادية فى المقام الأول.

انتهت المحكمة بعد خمس سنوات من انتحار مولى الى عدد من التوصيات منها أهمية إنشاء منصات تواصل اجتماعى مخصصة للأطفال فقط والمزيد من التفعيل لشرط السن لدخول المنصات الحالية مع المتابعة التقنية اللازمة للتأكد من صدق المستخدم فى الأخبار عن سنه الحقيقى وأن يتم تقديم المحتوى للمستخدمين بناء على الفئة العمرية التى ينتمون لها وضرورة مراجعة وإقرار أسلوب عمل الخوارزميات الموجودة فى تلك التطبيقات مع ضرورة قيام الحكومات بمتابعة أساليب الدعاية والإعلان التى تستخدمها تلك الشركات أثناء مشاهدة المحتوى وتفعيل الرقابة الأبوية على المحتوى الذى يتعرض له الأطفال.