الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصر مصر دايما مصر

مصر مصر دايما مصر

السابعة صباحًا، كوب من القهوة الساخنة مع الاستماع إلى الإذاعة المصرية،عادة وحنين إلى أيام ما قبل القنوات الفضائية والإنترنت، يتسلل صوت ولحن شيخ الملحنين الموسيقار سيد مكاوى «مصر مصر دايما مصر... تحيا مصر... يادعاء المؤمنين فجر بينور سنين... يا أحن من الحنين... أم كل الإنسانية».



توقفت لدى سماع الأغنية، أعادتنى إلى أيام الطفولة فى ثوانِ معدودة، توقفت عن شرب القهوة أو الاستعداد للخروج، انتهت الأغنية، حاولت البحث على شبكة الإنترنت عن اسم المؤلف وسنة الإنتاج، فشلت فى ذلك، قمت بإرسال هذا السؤال إلى الصديقة العزيزة أميرة سيد مكاوى، انتظرت الإجابة لعدة دقائق قمت خلالها بالبحث عن الأغنية على اليوتيوب وبسماعها عدة مرات أثناء إكمال القهوة والاستعداد للذهاب إلى العمل.

ما هى إلا دقائق معدودة  حتى أتى الرد أن الأغنية من كلمات فؤاد حداد وتعود إلى عام 1974، يالها من أيام بديعة كيف لم أفكر فى عمنا فؤاد حداد، يبدو أننى مازلت بحاجة إلى المزيد من القهوة، خرجت من المنزل حيث قمت بتشغيل الأغنية بلا توقف Loop، الكلمات بديعة واللحن حماسى مبهج، استعرضت الكلمات والمعانى طيلة اليوم وطيلة تفاعلى على شبكات التواصل الاجتماعى، قمت بمقارنة الحالة التى وضعتنى فيها الأغنية وبواقع تلك الشبكات، كم كبير من الطاقة السلبية والتشاؤم مع سخرية قاتلة وإظهار للسلبيات وطمس لأى شىء إيجابى، كم لا نهائى من الأمور التافهة أو الصغيرة التى يتلقفها المستخدمون ويستمرون فى الحديث حولها طيلة اليوم، نتيجة مباراة كرة قدم، مداخلة الفنان عادل إمام الساخرة مع مذيع معروف، شبهات بسرقة أعمال فنية،انفصال مطرب بعد شهرين من الزواج، حفل زفاف ابنة مطرب آخر، سخرية من المدير والمعلم والأب والأم، صور لأطباق طعام وحفلات ولقاءات وأدعية وجمع مباركة، تراشق أنصار فريقى الأهلى والزمالك ثم مشجعى ريال مدريد وبرشلونة، إفيهات عن مسلسلات رمضان، قضايا فقهية كبيرة وصغيرة واستعراض لاختلافات الآراء، قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية قتلت بحثًا، إحياء لقضايا قديمة ماتت ودفنت،حلقة مفرغة يدور فيها الجميع بلا أى فائدة بالكثير من الإحباط والتوتر والقلق والاستظراف.

ماذا لو توقفنا ولو قليلًا عن الانغماس فى هذا وحاولنا أن ننظر إلى الحياة بإيجابية وأمل، ماذا لو توقفنا عن الشكوى والاستعراض والفكاهة السوداء، ماذا سيحدث لو قام كل منا بإتقان عمله بدون انتظار لنتيجة فورية، ماذا لو عدنا إلى قيم الصدق والأمانة والعدل والمحبة والاعتزاز بمصريتنا، أعرف أن هذا الطرح مستهلك ولكننى لا أجد غيره سبيلًا للخروج من تلك الدوامة، لماذا لا نجرب بيت الشعر «كن جميلًا تري الوجود جميلًا».

عودة إلى الأغنية التى جاءت بعد نصر أكتوبر المجيد «أم أبطالها البواسل والأمل للفجر واصل.... ينطلق يثبت يواصل... أم أولادها الملاح فى المعارك والكفاح سينا.. حى على الفلاح.... مصر مصر دايما مصر تحيا مصر».