الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تجديد الخطاب المعلوماتى

تجديد الخطاب المعلوماتى

على غرار التوجه العام والمهم بضرورة تجديد الخطاب الدينى والذى نرى محاولات متعددة لتحقيقه وهى المحاولات التى تدخل دائمًا فى صراعات مع رعاة الأسلوب التقليدى المعتاد حيث يتهمون من يسعى إلى ذلك بأنه يسعى إلى تغيير أجزاء من الدين ومن الشريعة وهو اتهام باطل بطلانًا واضحًا، فتجديد الخطاب لن يقترب ولا يجب أن يقترب من المضمون أو المحتوى ولكنه ببساطة تغيير فى أسلوب-أو فلنقل فى أساليب-العرض وطرق التوضيح وإيصال الفكرة والمعلومة، فبالرغم من وجود عدة أمثلة ناجحة مثل أسلوب الشيخ محمد متولى الشعراوى فى تفسير كتاب الله وهو الذى لم يسمه تفسيرًا بل مجرد خواطر وهبات صفائية، أى أن المجال متسع والباب مفتوح أمام الاجتهادات فى الفهم وفى أسلوب العرض، إلا أن تلك الأمثلة ما تزال محدودة وما يزال الغالبية يستمعون إلى الخطب والدروس الدينية بنفس الأسلوب وهو الذى نلمسه بصورة يومية، فعلى سبيل المثال لن يمكن لأى من الحضور لسماع خطبة الجمعة أن يعرف فى أى زمن نحن، فأسلوب اليوم هو أسلوب الأمس هو الأسلوب المتبع منذ مئات السنين، أسلوب يضرب بالتطور الحادث والتغير فى أنماط الحياة عرض الحائط.



أمر مماثل نراه فى الخطاب المعلوماتى، ذلك الخطاب الذى يكون هدفه إيصال معلومة أو إحصائية أو نتائج دراسة، نجده واحدا تقريبا وأكاديميا إلى درجة كبيرة ولا أقصد هنا أن هذا الأسلوب غير مقبول، فكل التحية والتقدير للمنهج العلمى الأكاديمى فى البحث والدراسة والعرض، أسلوب تعلمناه جميعًا فى المدارس والجامعات ومراكز الأبحاث ولكن عندما نصل إلى جمهور المستفيدين وهنا أقصد الجمهور العريض من عامة الفئات،أجد الأمر مختلفا.

أعرف أن التقنيات الحديثة ساعدت كثيرا فى تحويل المعلومات والنتائج من جداول وأرقام جافة إلى صور أخرى أكثر سهولة فى القراءة والاستيعاب مثل الرسوم البيانية والإنفوجراف Infograph والفيديوجراف Videograph وغيرها من أشكال التمثيل، إلا أن هذا لا يكفى خاصة فى ظل تطوير مناهج التعليم التى ترى-وأنا معها-أن مفاهيم كنا ندرسها فى المرحلة الجامعية لا يجب أن تظل كذلك بل يجب أن نقوم بتبسيطها وتقديمها لطلاب المراحل التعليمية الأولى كالناتج المحلى الإجمالى ومعدل النمو ومفاهيم أخرى كالبورصة والتسويق وريادة الأعمال وغيرها.

أعرف أن المقاومة كبيرة، فأغلب من يعارضون هذا التجديد  تسيطر عليهم فكرة أن التعقيد دليل العمق وأن التبسيط دليل السطحية وقلة المعرفة و الحقيقة أنه عندما يكون الهدف هو إيصال المعلومة بأسلوب عصرى جذاب وبسيط ومفيد فإن أى مسمى أو أى اعتبار آخر لا يكون مقبولًا على الإطلاق.

أما عن المستقبل فإنى أعتقد أن تقنيات الذكاء الاصطناعى ستقوم بسحب البساط من تحت أقدام دعاة التقليدية تمامًا وستجبرهم على الانصياع فى نهاية الأمر، سيحدث هذا قريبًا، قريبًا جدًا.