الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

لأول مرة فى تاريخهم

الأتراك ينتظرون جولة الاعادة لحسم هوية الرئيس المقبل

لن تكون فقط جولة لاختيار رئيس بل ستكون بوصلة لتحديد مصير تركيا، البلد المحاصر بملفات داخلية وخارجية شائكة تراكم التحديات.



وللمرة الأولى فى تاريخهم، يستعد الأتراك لجولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد منافسة محتدمة لم ينجح فيها الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان ولا مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، فى حسم المعركة الانتخابية.

وفى هذه المواجهة الجديدة، ينطلق أردوغان بتقدم خمس نقاط (49,5%) من الدورة الأولى و2,5 مليون صوت على منافسه مرشح تحالف واسع للمعارضة كمال كيليجدار أوغلو (اجتماعى- ديمقراطي) الذى نال 45%.

وتظهر آخر استطلاعات الرأي- التى لم تصدق توقعاتها فى الدورة الأولى- أن أردوغان يتقدم على منافسه بفارق خمس نقاط أيضا هذه المرة.

لكن تظل نسبة الناخبين الذين لم يدلوا بأصواتهم بالدور الأول خزانا يمكن أن يقلب التوقعات والنتائج، فيما يسعى المرشحان لاستمالة القوميين الذين نال مرشحهم سنان أوغان 5% من الأصوات فى الدورة الأولى وحل ثالثا.

ويبدو أن كليجدار أوغلو أصيب بخيبة كبيرة عقب إعلان نتائج الدور الأول حيث كان يأمل بحسم الاقتراع، لكنه عاد رافعا قبضته بحزم أثناء تجمعاته الانتخابية لتحل محل رسم قلب بأصابع اليد.

أما أردوغان المتسلح بنتائج الدورة الأولى، فكثف التجمعات الانتخابية، مركزا على ملفاته المعتادة المتعلقة بالأكراد والهجرة والاقتصاد والإرهاب.

وينتخب الأتراك رئيسا يتولى المنصب لولاية مدتها 5 سنوات، وتحدد انتخابات اليوم مصير تركيا، العضو فى حلف شمال الأطلسى والتى يبلغ عدد سكانها نحو 85 مليون نسمة، وترسم سياسة إدارتها المستقبلية واتجاهات اقتصادها وسط أزمة غلاء المعيشة المتفاقمة كما سيحدد مسار سياساتها الخارجية.

ويحق لأكثر من 64 مليون تركى التصويت فى نحو 192 ألف مركز اقتراع، فيما صوت 3.4 مليون ناخب فى الخارج بالفترة من 20 إلى 24 مايو الجارى.

واليوم، تفتح مراكز الاقتراع أبوابها فى الساعة الثامنة صباحا وتغلق فى الخامسة مساء،ويأمل أردوغان، بعد أكثر من 20 عاما من وصوله وحزب العدالة والتنمية للسلطة، فى تمديد فترة حكمه كأطول الحكام بقاء فى السلطة فى تركيا الحديثة.

وتحدى الرئيس توقعات بإنهاء حكمه عندما تمكن من حشد الناخبين المحافظين فى جولة الإعادة الأولى، ومن شأن فوزه أن يرسخ حكم زعيم غيّر تركيا وأن يعيد تشكيل الدولة العلمانية التى تأسست قبل 100 عام، لتناسب رؤيته المحافظة مع تعزيز سلطته، فى حين يعتبره معارضوه توجها نحو السلطوية.

وفى الانتخابات البرلمانية التى جرت أيضا فى 14 مايو الجارى، تراجع تأييد حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان 7 نقاط من 42.6% فاز بها فى انتخابات 2018، لكنه احتفظ مع حلفائه بالأغلبية البرلمانية.

 ودعا أردوغان الناخبين إلى دعمه من أجل ضمان الاستقرار السياسى.

أما كمال كليجدار أوغلو فهو مرشح المعارضة الرئيسى ورئيس حزب الشعب الجمهورى الذى أسسه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.

طرح كليجدار أوغلو على الناخبين وعودا بتحسين النظام الديمقراطى، بما فى ذلك العودة إلى النظام البرلمانى لإدارة البلاد واستقلال القضاء الذى يقول منتقدون إن أردوغان «استغله لقمع المعارضة».

لكن رئيس حزب الشعب الجمهورى بدأ منذ 14 مايو فى تشديد لهجة خطاباته فى محاولة لاستمالة الناخبين القوميين على أمل إلحاق الهزيمة بأردوغان، متعهدا بإعادة ملايين اللاجئين إلى بلادهم.

وأكدت الأحزاب الموالية للأكراد فى تركيا استمرار دعم كليجدار أوغلو فى جولة الإعادة دون ذكر اسمه، وذلك بعد يوم من إبداء غضبها من اتفاقه مع حزب الظفر اليمينى المتطرف.

وأعلن أوميت أوزداغ زعيم حزب الظفر تأييده لكليجدار أوغلو مما قد يمنحه دفعة فى مواجهة تأثير دعم أوغان لأردوغان. وحصل حزب الظفر على تأييد 2.2% من الناخبين فى انتخابات البرلمان.

ولا يحدد التصويت فقط من سيقود تركيا، العضو فى حلف شمال الأطلسى والتى يبلغ عدد سكانها نحو 85 مليون نسمة، ولكن أيضا كيف ستتم إدارتها وإلى أين يتجه اقتصادها وسط أزمة غلاء المعيشة المتفاقمة، كما سيحدد مسار سياساتها الخارجية.

ومع بدء العد التنازلى لموعد الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التركية تخيم على البلاد أجواء «استثنائية» تختلف عن تلك التى عاشتها فى سباق 14 مايو، وترتبط بسلسلة التطورات التى حصلت بالتدريج، وصولا إلى دخول شخصيتين سياسيتين على الخط، بإعلان دعمهما لكلا المتنافسين.

وهاتان الشخصيتان هما السياسى القومى أوميت أوزداغ، الذى أعلن دعمه لمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، وسنان أوغان حليفه السابق، الذى اختار دعم مرشح التحالف الحاكم رجب طيب إردوغان.

وسلط انهيار تحالف الأجداد «أتا» القومى فى تركيا، الضوء على تفتت كتلة الأصوات القومية، بعدما أعلن سنان أوغان الذى كان مرشحا عن التحالف فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية دعم الرئيس رجب طيب أردوغان فى الجولة الثانية، بينما تدعم أحزاب التحالف منافسه كمال كليجدار أوغلو زعيم المعارضة.

وكان السياسيان القوميان، أوميت أوزداغ، وسنان أوغان، قد خاضا الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة والبرلمان فى تركيا سوية تحت مظلة «تحالف الأجداد»، لكنهما ودون مقدمات وبشكل مفاجئ أصبحا على طرفى نقيض قبيل أيام قليلة من انطلاق المنافسة الثانية على كرسى الرئيس الثالث عشر.

وبينما دعم أوغان مرشح التحالف الحاكم رجب طيب أردوغان اختار أوزداغ الوقوف إلى جانب مرشح المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، بعد الاتفاق على بروتوكول من سبعة بنود، نص أبرزها على «إرسال 13 مليون لاجئ خلال عام واحد، وعلى أبعد تقدير» إلى بلادهم.