سيكلوجية السيلفى

مع إن حمى التصوير قديمة قدم اختراع آلة التصوير ذاتها إلا أن عددا من الاعتبارات جعلت هذا الفعل محدودا نوعا ما منها ارتفاع سعر آلات التصوير ومستلزماتها من أفلام خام وتحميض وطباعة ووقت كان ذلك قبل دخول عالم التصوير الرقمى Digital Photography  والذى ظهرت أول كاميرا له عام 1988 ثم تطورت مع نهايات القرن الماضى وبدايات القرن الحالى إلى أن تم دمجها فى الهواتف الذكية وزيادة قدراتها التقنية وصولا إلى اللحظة الحالية مع زيادة أعداد مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة وزيادة القدرات الفنية للتخزين والاتصال وهو ما قضى على كل العوائق السابقة وجعل الأمر لا يحتاج إلا لثوان معدودة يمكن بعدها أن يرى الصورة آلاف أو ملايين البشر حول العالم بدقة ونقاء غير مسبوقين.

أتاح هذا التطور أيضا خاصة مع ظهور الكاميرات الأمامية فى الهواتف الذكية إمكانية أن يقوم الشخص نفسه بالتقاط صورة بدون الحاجة إلى أى معاونة من احد وهو المعروف بالسيلفى Selfie وفى الحقيقة أن الأمر لم يكن وليد هذا العصر كما قد يتبادر إلى الأذهان فتجربة أول سيلفى قام بها روبرت كورنيلس فى ولاية فلاديفيا عام 1839 حيث قام بالوقوف بالحديقة الخلفية لمنزل الأسرة والتقط لنفسه تلك الصورة والتى يمكن لك عزيزى القارئ العثور عليها بسهولة على شبكة الإنترنت.

من أشهر صور السيلفى أيضا تلك التى التقطها النجم الأمريكى برادلى كوبر فى حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2014 وظهر فيها العديد من نجوم السينما العالميين منهم النجمة ميريل ستريب والمذيعة ايلين وبراد بيت وجوليا روبرتس وآخرين ومنذ هذا التاريخ اجتاحت حمى السلفى العالم كله مرتبطة بحمى وهستيريا الاحتياج إلى التقدير المعتمد على عدد علامات الإعجاب والتعليقات الإيجابية على منشورات تلك الصور وهو أمر تحول أحيانا إلى ضرر بالغ أدى إلى وفاة صاحبها نتيجة محاولة التقاط صورة متميزة أو فى مكان خطير حيث تشير آخر إحصائية إلى وفاة نحو 330 شخصا حول العالم جراء تلك المحاولات الفاشلة.

بعض الدراسات تشير إلى احتمال وجود خلل نفسى-أو عقلى-لدى مدمنى هذا النوع من التصوير كما تشير بعض الدراسات الأخرى إلى أسباب القيام بذلك حيث تتنوع بين الحاجة للشعور بالثقة بالنفس أو للفت الانتباه أو الاستعراض أو لتحسين الحالة المزاجية أو لإعلام الآخرين بوجود صاحبها فى مكان ما أو للمنافسة فى السباق المحموم من علامات الإعجاب والتعليقات وأخيرا يقوم البعض-أو الكثيرون-بالتقاط تلك الصور لمسايرة الجو العام ومسايرة باقى الأصدقاء الذين يقومون بذلك ويعرضونه على صفحاتهم الشخصية.