الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كرسى الطائرة

كرسى الطائرة

مشاعر كثيرة ستنتاب من يركب الطائرة للمرة الأولى فى حياته، تلك المشاعر بها الكثير من الفرحة والإثارة، فالتجربة جديدة وسواء أكان السفر إلى بلد آخر أو داخل مصر ففكرة الانتقال من بيئة لأخرى بسرعة كبيرة هى فكرة مثيرة فى حد ذاتها بغض النظر عن سبب السفر.



وبمجرد صعود سلم الطائرة واستقبال المضيفات للمسافر بالابتسامة المعتادة ثم التوجيه إلى المقعد المخصص، فإن مشاعر أخرى قد تطفو على السطح منها اقتراب موعد الإقلاع الحقيقى والطيران وهنا فإن مشاعر الرهبة والخوف أو الرعب ستكون حاضرة ثم يبدأ الذهن فى تذكر حوادث الطائرات ونسب النجاة تاركًا أو ناسيًا انخفاض معدلات حدوثها ثم يبدأ فى تخيل محاولات النجاة من قطار أو  سيارة وإمكانية القفز إلى جانب الطريق أو حتى إلى عرض البحر فى حالة السفر بسفينة وإن هذا الأمر غير مطروح هنا، ثم يبدأ فى تذكر مظلات النجاة ويعود فيتذكر حالات الفشل فى استخدامها ألا تفتح أصلًا أو  يتم خرقها أو الهبوط فى منتصف المحيط أو  الارتطام بجبل... إلخ.

كل تلك المشاعر تأخذ فى التضاؤل رحلة بعد أخرى حتى تختفى تمامًا، إلا أن مشاعر أخرى لا تفارق الركاب، تلك المرتبطة بالفارق الكبير بين درجات السفر الأربع- الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال والدرجة السياحية الممتازة والدرجة السياحية- وعادة ما تتم المقارنة بين الدرجة الأولى First Class والدرجة السياحية العادية Economy Class، من حيث الخدمات ووسائل الرفاهية ومستوى المعاملة وقبل هذا وأهم جزئية هى حجم المقعد والمسافة بينه وبين المقاعد المجاورة وهى الجزئية التى تجعل الدرجة السياحية العادية تجربة مؤلمة للعديد من المسافرين فالمقاعد متلاصقة من مقعدين أو ثلاثة أو أربعة طبقًا لحجم الطائرة ونوع الرحلة-داخلية أو خارجية- وهذا مفهوم طبعًا فهى الدرجة الأقل من حيث الراحة وهذا يقابله انخفاض سعر التذكرة مقارنة بالدرجات الأعلى ولكن على مستوى الراحة فإن الأمر يختلف كثيرًا فالمسافة بين نقطة فى المقعد والنقطة المماثلة فى المقعد الذى يليه (seat pitch) لا تزيد عن 90 سم فى الرحلات الدولية وتقل كثيرًا فى حالة الرحلات المحلية.

هذه المواصفات وتلك المسافات والإمكانيات المقررة لكل مستوى من مستويات المقاعد ليست اعتباطًا أو عشوائية ولكنها مقررة من خلال منظمة الطيران المدنى الدولى التابعة للأمم المتحدة والمعروفة بالأيكاو (International Civil Aviation Organization) ونظرًا لأن الغالبية العظمى من الركاب يستخدمون الدرجة السياحية الاقتصادية فإن مطالب للمزيد من الراحة خلال السفر تتصاعد بين الحين والآخر مطالبين بزيادة حجم المقاعد وزيادة المسافات بين المقاعد وبين الصفوف المتتالية داخل الطائرة، فالمنطق أن جميع هؤلاء الركاب قد قاموا بدفع نفس القيمة ولذلك فمن حقهم الحصول على نفس درجة الراحة وكان آخر تلك الدعوات ما أثاره اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى مع إدارة الطيران الفيدرالية FAA مطالبين إدارة الرئيس الأمريكى بمراجعة تلك المواصفات مرة أخرى وهى طلبات تتصاعد ولكن فى الغالب تتوقف أمام الجانب الاقتصادى المرتبط بأرباح شركات الطيران ولا اعتقد أنها ستكون ذات جدوى فى ظل الخسائر المحققة جراء وباء كورونا و الحرب الروسية الأوكرانية.