الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
«روزاليوسف» والحكومة والجرائد الأجنبية!

«روزاليوسف» والحكومة والجرائد الأجنبية!

كانت السيدة «روزاليوسف» فى قمة غضبها من موقف بعض الصحف وأصحابها من احتجاب المجلة وشماتتهم بها، وبمجرد عودتها من باريس قررت أن ترد بعنف على هذه الصحف، وكتبت مقالها الجريء بعنوان «كلمة ينقصها شيء من الصراحة بمناسبة قضية «روزاليوسف» بتاريخ 28 فبراير سنة 1928وكتبت فى مقالها تقول:



لن أكرر هنا ما سبق أن ذكره الغير فى هذا الصدد وما تؤمن بصحته الهيئة الحاكمة من أننا تأثرنا بالثقافة الغربية وبتلك الجرائد والمجلات الأفرنجية التى تسمح الحكومة بتداولها بين أيدينا قد أصبحنا نميل إلى تقليدها وإلى المطالبة بقسطنا من الحرية، وإلى أن يكون لأقلامنا جولة فى اللهو والعبث البريء طالما الرائد حسن النية!

فى فرنسا وإيطاليا وألمانيا قوانين لها سنن مشروعة أو موضوعة للآداب والحرمات، وفيها جرائد وصحف شهرية وأسبوعة لم تصطدم يومًا بما تنشره من صور كاريكاتورية لاذعة لكل ذوى نفوذ وسلطان، ومقالات انتقادية تحمل السم المعسول، لم تصطدم يومًا هذه الصحف بتلك القوانين ولا بُسنن الآداب والحرمات.

ولك أن تضحك ملء فيك «فمك» فى وجه من يقول إننا فى مصر أحرص على آدابنا وأسرع إلى تطبيق قوانيننا من الفرنسيين والإيطاليين والألمان، وفى الإمكان أن نذهب فى الايضاح إلى أبعد من ذلك لولا أن القضية مطروحة أمام القضاء، وللقضاء فى نفوسنا احترام عميق. وتمضى «روزاليوسف» قائلة وموضحة: لن أقول إننا فى مصر لم نجرؤ على حكامنا، لكن جرأنا على من شهرت بهم تلك الصحف فقدمتهم إلينا فى ثياب مهلهلة قذرة تزيد القبح وقاحة وبشاعة.

ولن أصرح أيضًا إننا وقد قرأنا اليوم وسنقرأ غدًا مفتريات الغرب وصحافته عن أمرائنا وتشنيعه بمجتمعاتنا، بتنا نميل لا إلى الافتراء والكذب ولكن إلى رد التهمة بما ينشرونه هم عن أولى الأمر فيهم.

لن أشرح هذا أو سواه مما يحضرنى فى هذه الناحية فهذا كله معروف، ولكننى أصيح بالهيئة الحاكمة أن تعالج هذه الفتنة الطارئة التى تركب الصحفى فتجعله يفكر ويكتب برأس أستاذه الغربى الذى ملأ الجو عينيه بتعاليمه وإرشاداته!

إننا اليوم وقد فتحنا أبوابنا للغرب وتعاليمه قد أصبحنا تلاميذه وأتباعه وسوف ينتهى بنا الأمر إلى اعتناق الصميم من سُنته!

وتقترح السيدة «روزاليوسف» للخروج من هذا المأزق فتقول: 

لا مفر من اتباع أحد أمرين، إما أن توقف الحكومة تيار الصحف والمصنفات الأفرنجية ولتفكر إذ ذاك فى تقديم مشروع قانون إلى البرلمان ببناء حائط عظيم حول وادى النيل كما فعل الصينيون فى الأزمنة الغابرة، وإما أن تترك هذا السيل الذى بعثه لنا الغرب يسير فى مجراه بلا اعتراض قد يزيد فى قوة تياراته حتى يضعف تدريجيًا ويضل فى أرض مصر التى استطاعت ولا تزال تستطيع أن تحول كل دخيل عليها إلى حفرية تنضم إلى حفرياتها الخالدة.

نجتاز اليوم دورًا عصيبًا فى تفكيرنا، وتتكاثف فى جو أدبنا العصرى عناصر غريبة لم يألفها بعد مجتمعنا المتحفظ العابس، والأديب والصحفى الحق يدخل تحت هذه التسمية هو أول ضحايا هذا الانقلاب لأنه الكشاف الأول الذى يبشر بكل جديد.

فلتوسده الهيئة الحاكمة الكثير من عطفها وتسامحها وإذا شاءت أن ترى هذه البوادر «جرمًا صغيرًا» فلتذكر أيضًا أن هذا المتهم لا يضمر السوء لأحد!

وتختتم «روزاليوسف» مقالها بقولها:

ها هى «روزاليوسف» وقد ظهرت بعد احتجابها لتستأنف جهادها ولتحقق ما قطعته على نفسها، تحاول اليوم جهدها أن تستفيد من الظروف القاسية التى اجتازتها!

ولمن أبدى لنا عطفًا فى هذه الأزمة التى نجتازها شكرنا وللذين تكرموا علينا بأحقادهم وحلاوة لسانهم شكرنا أيضًا مع أطيب الأمانى». وتستمر الذكريات والحكايات