الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العائلة المقدسة والأرض المباركة

العائلة المقدسة والأرض المباركة

فى مشهد روحى يبعث فى النفس السكينة، وقف البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأسبوع الماضى وسط حشد من الحضور يُبارك مياه النيل بمناسبة ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر.. هذه المنطقة التى وقف عليها البابا، قد وطأت أرضها منذ سنوات طويلة السيدة مريم البتول وابنها المسيح عيسى عليه السلام. 



رحلة العائلة المقدسة لمصر ما زالت تحل بركتها على كل شبر سارت عليه «البتول» الطاهرة بداية من أول خطوة فى الطريق بعد خروجها من بيت لحم ودخولها أرض مصر من الشرق وتحديدًا مدينة رفح. 

ما يقرب من 3500 كيلو متر ذهابًا وإيابًا قطعتها هذه السيدة المباركة ومعها رضيعها من بيت لحم فى فلسطين حتى الدخول إلى أرض مصر عبر مدينة رفح شرقًا هربًا من البطش والاضطهاد. 

«مبارك شعبى مصر» جملة لم تأت من فراغ عندما شاهد المصريون بركات وتجليات هذه الرحلة بأعينهم حين ظهر أحد الإنجيل يطفو فوق مياه النيل مفتوح الضفتين على صفحة كتبت بماء الذهب لهذه العبارة العظيمة.. ولم لا فقد سلكت الطريق الشرقى قديمًا كريمة الدارين السيدة زينب رضى الله عنها هربًا من بطش قتلة الإمام الحسين فى كربلاء ودعت بدعاء قريب من دعاء السيدة مريم البتول.. كريمة الدارين قالت: «يا أهل مصر نصرتمونا نصركم الله وآويتمونا آواكم الله وأطعمتمونا أطعمكم الله». 

فى وقت قريب من هذا العام دخلتُ إلى مدينة الشيخ زويد ومنها إلى رفح.. أشاهد فى طريقى على مرمى البصر كل هذه البركة وأستشعر كل هذا الخير فى الأرض المباركة التى دعا لها الأنبياء والمرسلون والأولياء والصالحون. 

بدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح بالشمال الشرقى للبلاد، مرورًا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادى النطرون فى الصحراء الغربية حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء و«السريان»، والبراموس، والقديس أبو مقار وقد زرت هذه الأديرة فى فبراير الماضى ويأتى الناس من كل مكان لهذه المنطقة لأخذ البركة والتماس المغفرة من الخطايا والذنوب. 

آلاف من الخطابات والرسائل تحمل الأمنيات وتطلب  البركة فى رحاب موضع من رحلة العائلة المقدسة عندما نزلت للراحة فى وادى النطرون. 

 رحلة العائلة المقدسة لم تكن مفروشة بالورود، والمشقة التى عانت منها السيدة مريم والسيد المسيح تظل عنوانًا للسعى والنضال والكفاح من أجل محبة الله وتحقيق مراده فى خلقه. 

معظم المواقع التى كانت فى طريق هذه الرحلة المقدسة بمدن مصر القديمة من الشرق إلى الدلتا وإلى مصر القديمة ثم إلى جنوب مصر كلها أصبحت مزارات سياحية معتمدة من اليونسكو والمنظمات السياحية العالمية نستطيع أن نجعل هذه المزارات من أهم المقاصد السياحية المسيحية فى العالم والدولة تريد ذلك لا شك. 

وزارة السياحة والآثار قامت على مدار الخمس سنوات الماضية بتطوير مواقع الآثار القبطية التى مرت بها العائلة المقدسة  ببعض الإجراءات بالتوثيق والترميم والتطوير لعدد ٢٥ موقعًا يوثق للرحلة المباركة ، وتم وضع هذه الأماكن على قائمة التراث العالمى بمنظمة اليونسكو للتراث غير المادى عام 2018.

هذه الأرض التى نعيش عليها رغم القسوة التى نتعرض لها أحيانًا من ضغوط الحياة وظروف الزمن لم تخرج لنا ما فيها من الخيرات لا تزال صناديق الذهب وخيرات الأرض لم يشأ الله أن يخرجها إلى الآن.. وسيكتشف المصريون عبر كل العصور أن  أرض مصر فيها من الخيرات ما لا يعلمه غير الله.. البترول والغاز والذهب والآثار التى لم تكتشف بعد  والمعادن التى لا مثيل لها فى أى أرض بالعالم.. كلها هنا فى  أرض الله المباركة. تحيا مصر