الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الذكاء السايب يُعلم الغباء

الذكاء السايب يُعلم الغباء

لا أنكر أننى قد أصبت ببعض الضجر وبعض التراخى والكثير من الخوف جراء تزايد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى خاصة فى المجالات الثقافية والإعلامية المختلفة، فاليوم أستطيع أن أنافس أكبر المؤلفين والكتاب والملحنين ومبدعى المقطوعات الموسيقية والفنانين التشكيليين والإعلاميين وكتاب المقالات والدراسات المتخصصة، مع فارق بسيط أنهم ينفقون الكثير من الوقت والجهد للوصول إلى منتج نهائى جديد، إما باستخدام الذكاء الاصطناعى فإن الأمر لن يستغرق أكثر من دقائق معدودة والمثال على ذلك ما ذكره أحد مؤلفو روايات الخيال العلمى من قيامه بكتابة 97 رواية فى تسعة أشهر فقط.



وكما يقول المثل الشعبى الشهير: «المال السايب يعلم السرقة» فإن إتاحة أدوات الذكاء الاصطناعى يعلم الكسل والبلادة ويقود إلى الغباء وتعطيل عمل أهم نعمة أنعم بها الله على الإنسان ألا وهى العقل، ولذلك أن أجلس منفردًا محاولًا كتابة مقال جديد بالوسائل التقليدية وهوفعل ليس سهلًا ويحتاج إلى توافر عوامل كثيرة منها الوقت والهدوء وصفاء الذهن ووجود موضوع جاد ثم توافر المعلومات اللازمة عنه ثم مرحلة ترتيب الأفكار ثم الإعداد والصياغة وصولًا إلى الشكل النهائى، وفى الحقيقة فإن كل تلك العوامل يمكن الاستغناء عنها تمامًا، فالفكرة ستأتى من التطبيق وكذا أيضًا المعلومات وتسلسل الأفكار الفرعية والإعداد والصياغة ولا حاجة لتوافر الوقت أوصفاء الذهن فنحن قد اتفقنا من قبل على تجنيب الذهن وتعطيل قدراته كلها بما فيها حالة الصفاء أو التشويش ولا حاجة لنا بالكثير من الوقت أيضًا، كل ما نحتاجه هو جهاز حاسب أو هاتف محمول متصل بشبكة الإنترنت ندخل من خلاله إلى أحد تلك التطبيقات ثم نسأل التطبيق أن يقترح أى موضوع «جديد» أو «جذاب» أو «حديث الساعة»، ثم نقوم بتغذية التطبيق بهذا الموضوع مع طلب كتابة مقال أو دراسة أو عمل أدبى ونقوم بتحديد عدد الكلمات المطلوبة ثم نضغط على زر الإرسال وننتظر النتيجة.

أمر مشابة سيحدث فى حالة تأليف مقطوعة موسيقية، حيث سنقوم بطلب قيام التطبيق بالتأليف، كل ما علينا أن نقوم بكتابة توصيف بسيط للمقطوعة المطلوبة، ومثال على هذا ما قمت بتجربته منذ عدة أيام حين طلبت من التطبيق القيام بتأليف مقطوعة موسيقية قصيرة-5 دقائق- تعبر عن الانتقال من اليأس إلى الأمل، نعم مجرد أربع كلمات فقط كتبتها «من اليأس إلى الأمل» وما هى إلا ثوانٍ معدودة حتى أتت لى مقطوعة موسيقية مبهرة. لا أعرف كيف سيكون شكل المستقبل، فكل ما نتحدث عنه هى مجرد تكهنات وامتدادات للخطوط على استقامتها، هل هذه التطبيقات ستساعد الإنسان ليتطور بسرعة أم ستكون مثل الشجرة المحرمة التى إن أكل منها طرد من الجنة... جنة العقل وحسن استخدامه... سنرى.