الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 الجميع يكذب

الجميع يكذب

منذ ست سنوات وتحديدًا فى التاسع من مايو لعام 2017 صدر كتاب مهم بعنوان «الجميع يكذب: البيانات الصخمة والبيانات الجديدة وماذا تستطيع الإنترنت أن تخبرنا عن ماهيتنا الحقيقية» Everybody Lies: Big Data, New Data, and What the Internet Can Tell Us About Who We Really Are تأليف عالم البيانات الأمريكى الشاب سيث ستيفنز دافيدوفيتس.



وبالرغم من قدم الكتاب نسبيا إلا أن الأفكار الرئيسية الواردة به لا تزال صالحة للنقاش وللحذر أيضا، فالكتاب يتحدث عن قوة البيانات الكثيرة التى نتعرض لها ونقوم بنشرها والإفصاح عنها على شبكة الإنترنت من خلال محركات البحث المختلفة وكذا أيضا من خلال تفاعلاتنا على شبكات التواصل الاجتماعى وباقى المواقع والتطبيقات الالكترونية أيضا. كل تلك البيانات الكثيرة والتى نتداول بعضا منها بصورة نعتقد أنها سرية يمكن تحليلها للتعرف على «ما نحن» فعلى سبيل المثال يمكن من خلالها التعرف على التوجهات السياسية والدينية والاستهلاكية والصحية والسلوكية والثقافية وحتى الجنسية.

يمكن من خلال التحليل التعرف وفهم الاتجاهات الاجتماعية على مستوى البلدان والمجتمعات والتجمعات والتكتلات المختلفة مثل العادات والتقاليد والمستويات الاقتصادية وغيرها، كما يمكن من خلالها  أيضا استشراف المستقبل والتنبوء بما سنقدم على فعله أوردود أفعالنا حيال ما يحمله لنا من متغيرات.

يؤكد الكتاب أيضا على عدد من النقاط المهمة والمخيفة أيضا، فالجميع يكونون أكثر صدقا عند استخدامهم لشبكة الإنترنت مقارنة بحياتهم الشخصية والعامة الطبيعية، فمن خلال ما يبحثون عنه وما يقرأون أو يشاهدون فى الخفاء يمكن كشف الستار عن حقائق واسرار لا يمكن التعرف عليها من خبر الظاهر، وهذا يمكن من خلاله أيضا التعرف على الرغبات والآمال والأفكار والخطط المستترة خلف أى ستار ويمكن من خلالها أيضا التنبؤ بالخطوات المستقبلية وسلوكياتنا حيال أحداث المستقبل المختلفة.

بالطبع الأمر ليس كله شرا فمن خلال تحليل تلك البيانات يمكن المساهمة فى تحسين الصحة العامة أو مكافحة الجريمة أو الوقاية من عدد من الصدمات والمفاجات المستقبلية وهى تسهم أيضا فى تحسين عملية اتخاذ القرار على المستوى الفردى أو الجماعى. 

هذا الكتاب بمثابة ناقوس خطر يؤكد على ضرورة توخى الحذر والانتباه لكل ما يتم فعله من خلال تلك الشبكات فالأمر يشبهه البعض بمن يقوم بتغيير ملابسه فى صالة زجاجية تطل على أحد الميادين المزدحمة بالمارة.