الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 علم نفس الذكاء الاصطناعى 2-2

علم نفس الذكاء الاصطناعى 2-2

كما عرضنا فى المقال السابق كيف أن أنماط الشخصية والحالة الفسيولوجية للإنسان يؤثران كثيرًا على سلوكياته وهو ما يخلق الاختلاف ويساعد على إطلاق الطاقات الإبداعية أو تعطيلها، فإن هذا الأمر قد يكون مفتقدًا تمامًا فى حالة التعامل مع أحد أنظمة الذكاء الاصطناعى بديلًا عن التعامل مع البشر.



فأنظمة الذكاء الاصطناعى لا تحس ولا تشعر ولا تتأثر بالتربية ومواقف الحياة ولا تشعر بالتعب أو الجوع أو الخوف أو القلق ولذلك فإن النتائج والسلوك الصادر عنها نجده جامدًا طوال الوقت، فلم يحدث أن قامت أحد تلك الأنظمة بالصراخ فى وجه المتعامل معها أو الابتسام ولم نجد أنها تتأثر بمواقف الحياة المختلفة من تلقاء نفسها ولكن يمكن أن يتم برمجتها لنحصل على 16 نسخة أو نمطًا من تلك الأنظمة طبقًا لأنماط الشخصية البشرية، فنجد منظومة حالمة تهتم بالمشاعر ومنظومة أخرى عقلانية تهتم بتغليب العقل وعرض النتائج بناء على ذلك، أو منظومة قيادية أو منظومة مثالية أو مراقبة أو مبدعة، يحدث هذا ببساطة من خلال البرمجة وهنا قد نحصل على 16 إجابة لنفس السؤال عندما نتوجه به إلى كل منظومة على حدة وهو ما قد يجعلها أقرب إلى النمط البشرى مع الوضع فى الاعتبار أن السلوك البشرى قد يكون غير متوقع أحيانًا حتى مع ثبات  نمط الشخصية و معرفتنا بكل مفرداته.

تلك القضية هى الأكثر تعقيدًا والأكثر أهمية من كل القضايا المتعلقة بالذكاء الاصطناعى واستخداماته فنحن حتى الآن نجد تلك الأنظمة دقيقة وقادرة على الرصد والتحليل والمقارنة والعرض النهائى بصورة رصينة وهذا يحدث طوال الوقت من دون أى اعتبارات اخرى، يحدث هذا باستمرار إلا فى حالة أن تكون البرمجيات متحيزة إلى نمط  معين من الأنماط خلاف النمط العقلانى التحليلى البعيد عن المشاعر الإنسانية المعتادة والمعروفة.

ولذلك ونظرا لأن هذه المنطقة من التطوير لمنظومات الذكاء الاصطناعى لا تزال محل رصد ودراسة وبها الكثير من التساؤلات فإن تلك الأنظمة ستستمر فى التفاعل بالأسلوب المعتاد الذى يضع لها حدًا ونقطة نهاية لا تستطيع أن تتخطاها وصولًا إلى المنطقة الأكثر تعقيدا وخصوصية من مناطق النفس البشرية وهى التى ولحسن الحظ هى المسئولة عن الحدس والإبداع والابتكار وغيرها من الأمور التى ستضل فى تقديرى خاصة بالإنسان فقط بعيدة عن تناول أى آلة أو أى تطبيق مهما بدأ قريبا فى سلوكياته مما يصدر عنها.