الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اسمى بشر

اسمى بشر

للمطرب حميد الشاعرى أغنية قديمة تحمل عنوان «اسمى بشر»، يقول مطلعها «اسمى بشر... عمرى ألوف... والإنسانية مهنتى... عنوانى دنيا من الحروف...»، الأغنية إنتاج 1987 ومن كلماتها نستطيع أن نستنتج أنها تتحدث عن البشر والإنسانية المفقودة، الأغنية تتحدث عن معانى الرحمة والحب وهى معانِ موجودة دائما فى الأشعار والأغانى وكافة الأعمال الدرامية والفنية.



تذكرت تلك الأغنية منذ عدة أيام أثناء تصفحى لتطبيقات التواصل الاجتماعى بكل ما تحمله من صخب، صخب فى الأفكار والتعليقات والتعبيرات والصور ومقاطع الفيديو أيضًا، بين منشورات دينية وفكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية مع الكثير من الأخبار الصحيحة والمغلوطة ومنشورات التسويق للسلع والخدمات أيضا، بين تهانى الخطوبة والزواج والإنجاب والنجاح فى الدراسة والعمل ومنشورات الإعلام عن الحالات الصحية وإصابات الحوادث والوفيات، عالم افتراضى كبير يغرق فيه المرء حتى أذنيه وفوقهما أيضا، بلا كلل أو ملل يستمر زواره فى النهل من مائه المالح بغية الوصول إلى حالة الارتواء المفقودة.

القليل من يستطيع أن يعى خطورة هذه التطبيقات ويحاول تقنين الوقت وأسلوب الاستخدام وأقل القليل من يستطيع أن يهرب منها إلى الواقع الطبيعى الذى عاشت فيه البشرية منذ أوجدها الله على أرضه.

انغماس تام يراقب أصحاب تلك الشبكات مدى اندماج المستخدمين فيه مع العمل المستمر على إضافة خصائص ومميزات جديدة لضمان استمرار الحمى بلا توقف، إضافات إلى التطبيق نفسه أو تغيير كامل إلى أسلوب آخر ثلاثى الأبعاد أطلقوا عليه لفظ الميتافيرس، ثم أتت هوجة الذكاء الاصطناعى الذى سيقلب كل الأوضاع رأسا على عقب، فأساليب العمل والتعلم والإبداع وباقى مناحى الحياة الطبيعية ستتغير، وهنا نجد أن السؤال الأهم هو «أين إرادة البشر؟»، إرادتهم للثورة على كل تلك المستجدات والحفاظ على البقية الباقة من الإنسانية والمشاعر، هل هو حلم بعيد المنال أن يأتى يوم يزهد فيه الناس استخدام تلك التطبيقات ويعودوا مرة أخرى إلى انسانيتهم المفقودة، تواصل طبيعى ومشاعر منضبطة وقيم إيجابية، هل يمكن أن تبدأ مجموعات من الناس فى إطلاق صيحات التحذير ثم العودة إلى الأنماط الإنسانية المعهودة، أنماط مبنية على الأمل والرحمة والحب.