الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

فن إدارة ضغوط الحياة

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل زوج حاصل على بكالوريوس تجارة، أعيش بأحد أحياء القاهرة الشعبية، جمعتنى قصة حب بجارتى، وتعاهدنا على الزواج منذ كنا بالمرحلة الإعدادية، ورغم حصولها على الثانوية العامة بمجموع لا بأس به - إلا أنها اكتفت بمؤهلها المتوسط، لضيق ذات اليد، وظروف والدها العائل لأسرة مكونة من ٧ أفراد - كما رفضت أيضًا العديد من الخُطاب تضامنًا معى، حتى أكون جاهزًا لطلب يدها. من جهتى كنت لا أنام ليلًا أو نهارًا، حيث اعتدتُ الشقاء بأى عمل للفوز بمحبوبتى،، تلك الحياة القاسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جعلتنى رجل عملى يقدر قيمة الكفاح، ويقدس الصبر بحثًا عن تحقيق أهدافه،، بعد زواجنا بدأنا رحلة جديدة من النضال المشترك، صدمنا القدر خلالها ببعض تفاصيله المفاجأة، رزقنا الله بثلاثة أبناء ذكور هم ثمرة ٨ سنوات زواج، أكبرهم يعانى من التوحد،، وكما تعلمون فإن نفقات متابعة حالته طبيًا ودراسيًا مكلفة ومجهدة للنفس والبدن، وأنا لا أدخر جهدًا من أجل عائلتى الغالية، حيث أعمل بورديتين بلا كلل أو ملل، إحداهما بمشروع يخصنى، عبارة عن مقهى أديره مساءً بنفسى، ويعد مصدر دخلى الرئيسى، بالإضافة لعمل آخر فى الفترة الصباحية بمكتب عقارات صديق عمرى - لكننى لا أعرف أستاذ أحمد، لماذا بعد تلك الديناميكية اليومية من التعب على مدار سنوات، انقلب حال زوجتى، فأصبحت إنسانة أخرى غير التى أعرفها، لا تقدر المسئولية حق قدرها، ولا تشكر ربها؟، فهى على الدوام تقحم حالنا ومعيشتنا فى مقارنة مستمرة مع زميلات دراستها السابقات، وصديقاتها القدامى - تحملنى مالا أطيق من الضغوط، فى نفس الوقت تطلب منى التخلى عن عملى الصباحى، والتفرغ لإدارة جزء من مسئوليات أبنائنا - وكأننى على سفر طويل يمنعنى من التواجد بالمنزل يوميًّا ومشاركتها كل همومها، علمًا بأننى لا أقصر قدر استطاعتى، يوم إجازتى الأسبوعية اصطحبها إلى أى مكان لتفريغ طاقتنا السلبية - وفى نفس هذا اليوم وبعد عودتنا، أجدها مكتئبة، تفكرنى بانزعاجها وتضررها اليومى من بقائى فترة طويلة خارج المنزل، بسبب شقائى الذى لا يتوقف، وعودتى منهك لا أقوى على السهر معها، كما كان يحدث فى بداية زواجنا - بل وتظن بأننى أهرب من ظروف توحد ابننا وتصرفاته اللاإرادية، مع العلم بأن تلك التصرفات مقبولة دائمًا وتحت السيطرة، بفضل متابعتنا لحالته عند أخصائى مشهود له بالكفاءة - تلك الاتهامات تهزنى بشدة وتشككنى فى نفسى، وفى أهدافى التى أسعى إلى تحقيقها لأجل أبنائنا، حتى وصل بها الحال لاقتراح غير منطقى، وهو بحثها عن أى عمل تكون به نهارًا، وأترك أنا ورديتى الصباحية عند صديقى، وأكتفى بالفترة المسائية بمقهاى، حتى لا أتحجج بإنهاكى والجلوس معها بعض الوقت بدل الخلود للنوم،، فى النهاية قررت أن أشكوها لوالدتها، وهى إنسانة حكيمة من الزمن الجميل، لكنها فشلت فى إقناعها بضرورة العدول عن أفكارها المشوشة، والانتباه لزوجها وأطفالها، وترك صراعات الحياة لى، وأن تبقى سيدة المنزل، وملكتى المتوجة على عرشها بحبى واحترامى لها،، مع كل هذا لم يكن ردها مناسبًا لهذا التقدير، ولم أجنِ إلا مزيدًا من العصبية وطلب الطلاق إذا لم أنفذ طلبها المستفز،، فبماذا تنصحني!؟ 

إمضاء و. ث

عزيزى و. ث تحية طيبة وبعد...  لا يختلف اثنان على أن مشاركة الزوجين لمسئوليات الحياة الزوجية بحميمية اجتماعية، وتجاوز كل منهما عن تقصير الآخر والأخذ بيده، هى قمة السعادة وأصل الحكاية، حكاية العمر كله، كما يشدو بها الموسيقار الراحل وملك العود «فريد الأطرش»، والأمر لا يتوقف عند مجرد تقديم بعض التضحيات، سواء من الخطاب قبل الزواج أو الأهل، لإتمام تلك العلاقة المباركة فى النهاية، بل يظل العطاء ونكران الذات ممتدًا فى كل الاتجاهات بعد دخول عش الزوجية من الطرفين،، وأنا أرى بأنك مطالب عزيزى الزوج أكثر من زوجتك بأن تكون فنانًا مبدعًا فى إدارة ضغوط حياتك، لأن القوامة والقيادة لها ضريبة على الرجال لابد أن تؤدى، وهى بكل تأكيد ليست مادية فقط، بل معنوية أيضًا، ترتكز على اكتشاف رب الأسرة لإمكانيات كل فرد من أفراد عائلته، وقدرته على التلاحم الوجدانى،، فالأبناء مثلًا نحصد منهم الانتماء وروح التعاون بعد زرع قيمة الإحساس بالمسئولية تجاه أنفسهم وأسرتهم ومجتمعهم منذ الصغر، ومتابعة نمو تلك البذرة بعد إنباتها، وتدعيمها بالتوجيه فى المواقف المختلفة، حتى يصبحوا رجالًا أشداء، وسيدات فضلاوات، قادرين وقادرات على حمل لواء الكفاح والإنتاج، وعطفًا على ما سبق فإنك تكون مطالبًا بتقبل محدودية زوجتك فى مجابهة بعض تقلبات الحياة، واعتبار اضطراب منحنى العطاء لديها هو مجرد نفس، يطول فى بعض المواقف والأزمات، ويقصر فى البعض الآخر، والدليل على ذلك أنها كانت صابرة إلى أقصى درجة قبل الزواج، تقديرًا لحبكما، رفضت كل من تقدموا لخطبتها، وأعلنت بأنها تنتظرك دون ملل أو تعجل.. واعلم جيدًا عزيزى بأن رد فعلها معك وطلبها غير المنطقى بالتخلى عن وردية عملك الصباحية، رغم يقينها بحاجتكما لها، وكذلك فرضية بحثها عن عمل وترك صغارها لك، هو نوع من التنفيس عن ضغوط التزاماتها اليومية تجاهك وتجاه أبنائك، ورعاية طفلك شفاه الله وعافاه، بالإضافة لأعمال المنزل، كل تلك الأمور جعلتها غير قادرة على الاستمرار بنفس النسق من العطاء،، وهنا ربما أجد نفسى ناصحًا لك بزيادة جرعة الحنان والاحتواء، احصل على أجازة قصيرة من عملك الصباحى إرضاءً لها، واخبرها بأن فكرة أجازتك جاءت لمنحها مزيدًا من الوقت والاهتمام الذى تحتاجه وتستحقه، مع سرد دوافعك فى الاستمرار بورديتين عمل من أجل توفير حياة أفضل لها ولأبنائكما، أذكر هذا السبب حتى مع علمك بإداركها له جيدًا، واعترف أمامها بتقديرك الكامل لصبرها معك منذ بدأت قصتكما،،، تلك الاستراتيجية من تجديد المشاعر مطلوبة لشحن بطاريات العطاء وفك الضغوط ورفع الهموم، يقول العالم والمهندس النووى الأمريكى «ريتشارد جى سكوت»: «عبِّر عن امتنانك لما يفعله زوجك من أجلك، عبر عن هذا الحب والامتنان فى كثير من الأحيان»، وهى نصيحة مع بساطتها، إلا أنها تحمل فى طياتها الكثير من المعانى النبيلة والمعبرة بقوة عن خصوصية تلك العلاقة الأبدية، بين الرجل والمرأة، وطبيعة مرورها بمنعطفات صعود وهبوط نفسية واجتماعية هائلة، ومتلاحقة لطرفيها تحتاج مكاتفة مستمرة لا إحباط أو خذلان. 

دمتَ سعيدًا وموفقًا دائمًا و. ث