أ.د. رضا عوض
السياحة العلاجية بمصر ومستقبلها
السياحة العلاجية والاستشفائية هى أحد أنواع السياحة، وهى السفر بهدف العلاج أو الاستجمام فى المنتجعات الصحية فى مختلف بقاع العالم، وتحتل السياحة العلاجية مركزا متقدما بين بقيه الأنواع السياحية الأخرى، حيث جاءت بالمركز الثالث بعد السياحة الترفيهية وسياحة الأعمال، مسجلة 10% من جملة حركة السياحة العالمية، لذلك اتجهت الكثير من دول العالم الى الاهتمام بالسياحة العلاجية والعمل على تنميتها نظرا لزيادة حجم الطلب عليها وكثرة الفوائد الاقتصادية الناتجة عنها، وهناك نوعان من السياحة العلاجية أولهما السياحة العلاجية من الأمراض المختلفة والتى تعتمد على استخدام المصحات المتخصصة أو المراكز الطبية أو المستشفيات الحديثة التى يتوافر فيها تجهيزات طبية وكوادر بشرية تمتاز بالكفاءة العالية، والثانية السياحة الاستشفائية التى تعتمد على العناصر الطبيعية فى علاج المرضى وشفائهم مثل ينابيع المياه المعدنية والكبريتية والرمال والتعرض لأشعة الشمس بغرض الاستشفاء من بعض الأمراض الجلدية والروماتيزم وأمراض العظام، والتأهيل الطبى لبعض الحالات التى تتطلب عدة أسابيع لزيادة القدرة الوظيفية للمريض، وتمثل السياحة العلاجية فى مصر أحد أنواع السياحة، نظرا لتوافر جميع مقوماتها والتى تؤهلها لتتفوق على العديد من الدول المجاورة فى هذا النوع من السياحة، حيث يوجد عدد كبير من المستشفيات المتميزة من حيث التجهيزات وأطقم الأطباء والتمريض ذات الكفاءة العالية.
كما تتميز مناطق السياحة العلاجية الاستشفائية بمصر بالإمكانات الهائلة، فنجد أن عدد العيون الطبيعية 1450 عينا وينبوعا وبئرا للمياه المعدنية والكبريتية تنتشر فى ربوع مصر منها ما هو مستغل ومنها ما هو مهمل، فمنها ما هو موجود فى الصحراء الغربية بواحة سيوة والواحات الداخلة والبحرية، والقاهرة مثل مجموعة عيون حلوان وعين الصيرة، وبسيناء مثل حمامات فرعون وعيون موسى برأس سدر وحمام موسى بالطور وما لها من قيمة تاريخية ودينية، والعين السخنة، والغردقة، والفيوم، والواحات، وأسوان، ومدينة سفاجا، التى تمتلك جميع عناصر السياحة العلاجية، وبها الرمال السوداء التى لها القدرة على التخلص من بعض الأمراض الجلدية، بالإضافة الى خصائص المياه الكبريتية المنتشرة فى المناطق السياحية المصرية وخصائص الرمال المشبعة بالمعادن، حيث تمتلك مصر 16 موقعا داخليا وساحليا تتوافر فيها عناصر العلاجات الطبيعية للعديد من الأمراض، بجانب المناخ المعتدل طوال العام، على الرغم من ذلك كله فإن مصر لم تحصل الى الآن على نصيب يذكر من هذا النمط السياحى، رغم توافر جميع المقومات التى تؤهلها لتكون فى مصاف الدول المتقدمة فى هذا المجال، مع أهمية ذلك فى تعدد مصادر جديدة للنقد الأجنبى فحان الوقت الذى يجب فيه الاهتمام بالسياحة العلاجية والاستشفائية مع الاسترشاد بخبرة الدول التى تقدمت فى هذا المجال، مثل الهند والأردن وتونس وألمانيا، فالهند مثلا تتميز السياحة العلاجية فيها بعدم المغالاة فى الأسعار والتى يعلن عليها مقدما لكل أنواع العلاج، وخصوصا نقل الأعضاء، كما ان جميع المستشفيات الخاصة حاصلة على شهادات من مجلس الاعتماد الوطنى للمستشفيات ومقدمى الرعاية الصحية، تؤكد هذه الشهادة امتثال المستشفيات لمعايير الجودة العالمية، حيث حصلت 22 عيادة فى الهند على اعتماد (اللجنة الدولية المشتركة) للمستوى العالمى من المعدات وتأهيل الأطباء وسلامة الخدمات الطبية، بينما لا يوجد سوى 10 مستشفيات من هذا القبيل فى ألمانيا (JCI).
وللنهوض بهذا القطاع المهم ولتحقيق نقلة عملاقة به، لا بد من وجود مايسترو يقود هذه المنظومة ويذلل كل الصعوبات، بهدف اقامة كيان قوى، للدخول فى المنافسة مع الدول التى سبقتنا، وعمل دراسات متعددة ومستمرة للوصول إلى المستوى العالمى، والذى يجذب لنا السياح من أنحاء العالم فى مجال السياحة العلاجية والاستشفائية ويتحقق ذلك، بإنشاء المجلس القومى للسياحة العلاجية والاستشفائية، ويضم ممثلين من الوزارات المعنية، وأعضاء من ذوى الخبرة، ويقوم بتحديد أماكن الاستشفاء وتطويرها وتحديد المستشفيات والمراكز المتخصصة التى تقدم خدمة طبية متميزة، والعمل على حصولها على الشهادات الدولية المعتمدة، والاستفادة من خبرة الدول الرائدة فى هذا المجال، ووضع منظومة متكاملة للدعاية والتسويق والعمل على جذب أكبر عدد ممكن من مواطنى الدول العربية والأوروبية والصين واليابان ولوضع مصر فى صدارة دول العالم فى مجال السياحة العلاجية.