الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
٢٣ يوليو.. و٣٠ يونيو

٢٣ يوليو.. و٣٠ يونيو

الثورات البيضاء تعرف طريق الشعوب المُحبة للأوطان.. ومصر وشعبها وقواتها المسلحة تظل نبراسًا لكل من يبحثون عن الحرية والدفاع عن العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.



تأتى الذكرى الواحدة والسبعون لثورة ٢٣ يوليو، لترسم نموذجًا من أهم ثورات الشعوب العربية. 

ثورة ٢٣ يوليو كانت ولا تزال ملهمة الشعوب فى المنطقة، وانتشرت فى القارة الإفريقية لتخليص الأوطان من القهر، والاستعمار، والظلم والفقر.  «الشعب للجيش والجيش للشعب».. كانت العبارة الواضحة التى رددها المصريون عندما قامت الثورة المجيدة، فتم إلغاء الملكية، وأعلن تنظيم الضباط الأحرار طرد الاحتلال البريطانى عن الوطن ومحاربة الفساد. 

أجمع المؤرخون وأساتذة التاريخ فى معظم ومجمل ما كتب ودوّن عن ثورة ٢٣ يوليو، بأنها صاحبة أيادٍ بيضاء على معظم الشعوب العربية والإفريقية، فقد تبنت الثورة فكرة القومية العربية، وساندت الشعوب العربية المحتلة للتخلص من الاستعمار، كما سعت لمحاربة الاستعمار بكل صوره وأشكاله فى إفريقيا وآسيا، وكان لمصر دور رائد فى تأسيس منظمة  دول عدم الانحياز.. ونذكر من الإنجازات العظيمة التى حققتها ثورة يوليو، تأميم قناة السويس، وتوقيع اتفاقية الجلاء، بعد أكثر من سبعين عامًا من الاحتلال، وبناء حركة قومية عربية، إلى جانب إتاحة التعليم لكل أبناء الوطن، وإنشاء مراكز البحث العلمى، وتطوير المستشفيات التعليمية. 

ثورة ٢٣ يوليو تعتبر  العصر الذهبى للطبقة العاملة، التى عانت  أشد المعاناة من الظلم، وفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية، فقضت الثورة على الإقطاع، وقامت بتأميم التجارة والصناعة التى استأثر بها الأجانب، بل ساعدت فى إلغاء الطبقات بين الشعب المصرى، وأصبح أبناء الطبقة الوسطى قضاة، وأطباء، ومهندسين، وسفراء، ووزراء، وتم إصدار قانون الإصلاح الزراعى، وتبقى هذه الفترة الأساسية من تاريخ مصر الحديث، مادة أساسية للتاريخ العربى، ومرجعًا مهمًا للحديث عن الدور الرائد للشعب المصرى على مر العصور، ونموذجًا فريدًا للإرادة الشعبية التى ساندت قواتها المسلحة، فى توقيت صعب من عُمر هذا الوطن. 

ثــورة يوليـو كانت أحد أسباب زيادة الرقعة الزراعية، فتم استصلاح أجزاء شاسعة من الأراضى الصحراوية فى مديرية التحرير، والوادى الجديد، وتمت إضافة المزيد من المساحات الزراعية فى كثير من المحافظات المصرية. 

منذ أيام قليلة احتفل المصريون بذكرى ثورة ٣٠ يونيو، واليوم يحتفلون بثورة ٢٣ يوليو، رغم الفارق الزمنى بين الثورتين، ولكن المتابع والقارئ الجيد للتاريخ المصرى وللشخصية المصرية، يجد أن هناك خيطًا قويًا يربط بين الثورتين، وأن الشعب المصرى وقواته المسلحة نسيج واحد، لا يمكن أن يبتعد عن بعضه البعض، يقف وقت الشدائد والصعاب، ليحمى هذا الوطن من الأعداء فى الداخل والخارج.. ٣٠ يونيو جاءت لاستكمال الصفحة الأخيرة، لتاريخ أعظم الثورات البيضاء التى قامت فى العصر الحديث. 

كانت مصر وشعبها وجيشها وقيادتها السياسية ملء السمع والبصر فى ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وما زالت بإذن الله على نفس الطريق فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.

فقد استعادت مصر مكانتها فى إفريقيا على مدار السنوات الأخيرة، بعد توقف دام لعشرات السنين، وفتحت الدولة المصرية ذراعيها للأشقاء فى كل القارة الإفريقية، فكان الدعم المصرى من خلال توفير منح دراسية، وتوفير الخدمات الطبية، التى يقدمها أطباء مصريون فى عدد كبير من دول القارة.. وطورت مصر جيشها، ليصبح من أقوى جيوش المنطقة، وتم القضاء على واحدة من أعظم القضايا الاجتماعية الشائكة داخل المجتمع بإزالة العشوائيات، وبناء مساكن ومدن تليق بالإنسان المصرى، وإقامة بنية أساسية حقيقية على كل شبر من أرض هذا الوطن.. طرق ومدن ذكية، وشريان جديد للملاحة العالمية، ويبقى الأمل فى نهضة صناعية ومصانع عالمية، تسهم فى دفع عجلة الاقتصاد الوطنى إلى الأمام، وتوفير فرص عمل للشباب، لتعود القيمة الحقيقية للجنيه المصرى، وينعم المصريون بالرخاء، وتقل الضغوط الاقتصادية على الجميع.. الأمل موجود، طالما ظل هذا الشعب فى تماسك يدًا واحدة مع جيشه وقيادته السياسية.. تحيا مصر.