الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قصة أول مصادرة لروزاليوسف!

قصة أول مصادرة لروزاليوسف!

رفضت السيدة روزاليوسف نصيحة مدير إدارة المطبوعات الأستاذ «فريد الرفاعى» الذى طلب منها ألا تتورط فى مواجهة الوزارة الجديدة التى شكلها محمود باشا!



وفى اليوم التالى لتشكيل الحكومة فوجئت روزاليوسف بمربيتها تخبرها بقدوم زائر غريب فى الصالون.

وتقول روزاليوسف: دخلت الصالون فإذا بى وجها لوجه مع الأستاذ «فريد رفاعى» جاءنى يريد أن يطمئن على حالتى النفسية بعد الموقف الذى وقفته معه أمس فى مكتبه وأخذ يبذل لى وعودا جديدة!! يقول المثل العامى غشيم ومتعافى، وقد كنت كذلك فى موقفى معه إذ ذاك! فلم أجد ما أرد به على وعوده سوى ذكر ما نويت نشره فى عدد المجلة  الذى يجرى طبعه!

وأخذ يستدرجنى بخبثه المعهود حتى وقف على محتويات العدد من مقالات وصور كاريكاتير وتركنى وأنا منتفخة زهوا وخيلاء!!

وفى الساعة التاسعة من صباح يوم 30 يونيو «1928» وهو اليوم الثالث لقيام الوزارة الجديدة دق جرس التليفون وإذا بى أسمع أحد عمال المطبعة يقول لى فى صوت مرتعش: تعالى يا ست لأحسن بيصادروا العدد!! وأن المطبعة محاصرة!

كان أول عجبى أن يكون هناك شىء اسمه مصادرة لمتاع أملكه اشتريته بدمى وكفاحى!

وكبست «البرنيطة» على رأسى وأن ذاهلة عن نفسى، وجريت إلى المطبعة فوجدتها محاطة برجال البوليس ووجدت بداخلها مأمور قسم عابدين الأستاذ «رضا عقدة» وضابط من القسم السياسى واثنين من الكونستبلات الإنجليز!

كان أول همى أن أستوثق من أن مقالات العدد وصوره قد أجرى طبعها كما أريد، ولشد ما كانت دهشتى عندما منعنى الضابط عن أخذ نسخة واحدة من العشرين ألف نسخة المكدسة أمامى فى شبه أعمدة من الرخام!

وبعد أخذ ورد سمح لى بأخذ نسخة واحدة تصفحتها على عجل حتى انتهيت إلى الصفحة رقم 13 وفيها صورة كاريكاتورية كبيرة تمثل رئيس الوزراء - محمد محمود باشا - وهو يدوس الدستور ليجلس على كرسى الوزارة، فأنبسطت أجل انبسطت أسارير وجهى وأخذت أرى المأمور والضابط والكونستبلات تلك الصورة التى كان يقابلها كل منهم بسحنة عجيبة!

وأردت أن أحتفظ بالنسخة وأخرج بها منعنى الضابط فقامت خناقة بينى وبينه وكنت مثل القطة المجروحة! وهنا انبريت أمنع الجنود من حمل الأعداد إلى العربة الكارو الواقفة على الباب استعدادا لنقلها إلى وزارة الداخلية، وكاد يقع ما لا تحمد عقباه من أظافرى!!

وبدا لى هذا الموقف غريبا وغير معقول، كيف يمكن أن تصادر الحكومة جهد إحدى المواطنات؟! كيف يمكن أن تمنع الحكومة مجلة من أن تبدى رأيها!

كانت التجربة الأولى من تجارب المصادرة تبدو لى غريبة مثيرة للأعصاب إلى أقصى حد. وكانت مصادرة هذا العدد هى المناسبة التى عرفت فيها «مصطفى النحاس لأول مرة! فقد فتح الله على الضابط النشيط بفكرة عجيبة إذ قال لى بأنه يمكن الإفراج عن هذه الأعداد إذا ذهبت وقابلت «النحاس باشا» وأخذت منه أمرا بالإفراج!

وكان الضابط يتكلم فى لهجة جدية أردفها بمنحى نسخة ثانية من العدد داعيا لى بالتوفيق!! وجريت إلى بيت الأمة!! وللذكريات بقية!