الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفنان رشدى الشامى فى حوار لـ«روزاليوسف»: الموهوب لا يفرض نفسه.. يظل فى عزلته حتى تأتى الفرصة المناسبة

لكل منا نصيب من اسمه.. وحظ وفير من ملامح وجهه ترسم ملامح الوجه بقوة ما يجول بخاطر ووجدان كل شخصية، عندما تطالع ملامح وجه الفنان رشدى الشامى تخطفك حالة التأمل والخشوع..تأمل فى العالم من حوله وخشوع وخضوع بقلب صاف ونفس راضية لكل ما يحمله له القدر من حظ ونصيب.. رضا وسكينة وهدوء يملء قلبه وقلبك عندما يسعدك الحظ بالجلوس والتحاور معه، المشخصاتى الرشيد..الذى بلغ حد التواصل الوجدانى والداخلى مع كل شخصية يلعبها، لا يكتفى بالقراءة السطحية أو بما كتبه المؤلف من وصف وتحليل، بينما يدقق بنفسه.. يحلل ويتفرس بها فى مضمونها وكينونتها.. يصنع لها ماضيًا ومستقبلًا وعائلة، هكذا يقدمها وكأنه عاش معها وقتا من الزمن كما يقول عن نفسه «أعمل مثل الساعاتى الذى يعكف على تصليح الساعات»..قد يبالغ البعض فى وصف أداء هذا وذاك بالكثير من عبارات الإطراء والمديح بينما فى هذه الحالة الفنية التى لابد أن تتأملها ولا تكتفى بوصفها فقط.. لن يسعك مجرد الوصف بالكلمات، لأنك أمام رجل يهيئ لنفسه عالما من العشق الصوفى توحد وتجرد مع فن التمثيل حتى أنه يقيم حياته ويهيئها لتصبح معملا للتمرين والتدريب الدائم فى محراب الفن، كان لنا حظ اللقاء مع الفنان رشدى الشامى بعد تكريمه ضمن فعاليات الدورة السادسة عشرة بالمهرجان القومى للمسرح حكى عن ذكرياته وتأملاته فى فن التمثيل.. قال فى هذا الحوار:



■ ماذا يمثل لك هذا التكريم وهل ترى أنه تأخر كثيرا؟ 

- الحقيقة التكريم لم يتأخر، لأن كل شىء يأتى بموعده منضبطا، فقد أكون لا أستحقه منذ وقت مضى بينما أستحقه اليوم، كما أن ليس هناك شىء يأتى متأخرا لأن الله قادر على فعل كل شيء فى موعده المحدد، وبالطبع سعدت للغاية بهذا التكريم لأنه من المهرجان القومى للمسرح، تكريم له وضع خاص بالنسبة لي، فإذا جاء من جهة أخرى من الدراما أو غيرها قد لا أسعد وأفرح مثل هذه الفرحة التى شعرت بها من تكريمى بالمسرح.

■  كم عمر عملك بالمسرح وألم تشتاق إليه؟

عشت فى المسرح 45 عاما قدمت خلالهم 120 مسرحية تمثيل و10 مسرحيات إخراج فقط، بالتأكيد اشتاق إليه كثيرا لكن المسرح يحتاج إلى جهد وقوة وأصبحت الآن غير قادر على نفس الجهد فى زمن مضى إلى جانب أننى أريد عملا يبهرنى وليس مجرد عمل جيد.

■ فى رأيك لماذا لم يصبح ممثل المسرح نجما فى موقعه؟

- كان الناس يبحثون عن المواهب من قبل بينما حاليا آلية العمل أصبحت تدار بطريقة أخرى، حتى نعلو بالمسرح والمستوى الفنى لهذه الأعمال لابد أن نعلى من قيمة الموهوبين ونبحث عنهم، لأن الموهوب لا يستطيع فرض نفسه بينما ينتظر أن يشاور عليه أحد، يظل فى عزلته حتى تأتى الفرصة المناسبة، كسب الموهوبين مسألة مختلفة تماما عن مجرد إقامة ورش لأناس عاديين وتحويلهم إلى ممثلين كل الفنون تحمل النظرى والعملي، أن تكون رساما لابد أن تتعلم الظل والنور لكن لن تكون موهوبا، الموهوب قد لا يعى كثيرا قوانين وحسابات الرسم.

■ هل ترى أن أهل المسرح مظلومون؟

 - بالطبع ممثلو المسرح مظلومون، هم لا يسعون إلى شهرة أو مال يسعون لتقديم فن حقيقي، المسرح قد لا يأتى له بقوت يومه لكن الممثل يفضله لأنه إدمان، أتذكر أننى كنت أذهب للمسرح من الساعة الواحدة ظهرا والعرض فى التاسعة مساء، لكننى استعد يوما كاملا لهذا اللقاء مع الجمهور، انتظره لأننى أريده أن يشاهد شيئا جيدا.

■ فى رأيك هل المسرح يصنع الموهبة؟

- المسرح لا يصنع موهبة، الموهبة من الوهاب ربنا من يهب هذه الهبة، وهو المتكفل بمساعدتها على الخروج من داخل صاحبها، المسرح يساعد الموهوب يمنحه طاقة، لكن إذا كنت غير موهوب وتعمل بالمسرح ستظل كما أنت لن تتبدل، لأن المسرح فضاح من الصعب أن تقنع الجمهور أنك ممثل حقيقي، هناك كثيرون لا يستطعيون الوقوف على خشبة المسرح لأنه لا يستطيع إقناع المتلقي، المسرح يمكن الممثل من الالتزام ب«مود» أو حال واحد للشخصية لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات وبالتالى لابد أن تكون مشخصاتى ماهرا، المسألة مختفلة عن مجرد تصوير مشهد أو مشهدين فى عمل درامى. 

■ هل شعرت بالحزن أو الضيق طوال سنوات الحبس بالمسرح؟

- لا.. لأننى متفق مع نفسى ومؤمن أننى لا أريد أن أكون مشهورا أو ثريا متصالحا مع فكرة الكومبارس طول عمري، وسعيد بهذه الفكرة المهم أن تخطو قدمى على خشبة المسرح هذه متعة غير عادية شعور بالنشوة غير متكرر.

■ ماذا أضاف لك المسرح؟

 - علمنى كل حاجة.. تعلمت فيه الموسيقى والإيقاع، اللون والصوت، والحركة، والإشاحة والإشارة والإيماءة، الخطوة تعلمت الرسم والنحت والإضاءة، لذلك لا أستطيع تمييز عرض عن الآخر كل الأعمال قريبة إلى قلبى بذلت نفس الجهد فى كل شخصية قدمتها منحتهم نفس الحب نفس الإخلاص بكل ما أوتيت من قوة.

■ هل جمعك ثنائى مع مخرج بالمسرح؟

كانت لدى كيمياء مع المخرج الراحل مصطفى سعد كان رجلا عظيما وكل الذين عملت معهم تعلمت منهم الكثير حتى ولو كان مخرجا سيئا تعلمت ألا أكرر التجربة معه، كل مخرج اختارنى علمنى مثل الراحل أحمد عبد الحليم، سمير العصفورى، هانى مطاوع، مصطفى سعد، محمود الألفى، محسن حلمى، ايمان الصيرفى، مصطفى الدمرداش عاصم نجاتى، وعصام السيد.

■ أعتقد أن لديك تكنيكا خاصا فى قراءة كل شخصية ماذا عن خطوات الإعداد والتحضير؟

- أن تقرأ وتفهم جيدا.. تمسك التفاصيل والسر فى التفاصيل، كلما كان لديك تفاصيل فى رسم أبعاد أخرى للشخصية كلما أصبحت مشخصاتى حقيقيا، بينما التفاصيل القليلة تأخذ الموضوع من السطح لابد من الدخول فى عمق الشخصية، اجلس أفكر أخترع تاريخ وعائلة اسم والدته اضع له اسم والده وماذا يعمل هذا الوالد، اخترع قصة واصدقها تتناسب مع روح الشخصية وظروفها كل هذا غير موجود فى الحكاية بينما موجودا فى رأسي.

■ ماذا عن قصة «عم ربيع»؟

- «عم ربيع».. رجل «غلبان».. أمنية حياته أن يلمس البحر، له ذكريات كثيرة مع البحر، منذ أن كان صغيرا يأتى بالجمبرى ثم يسعى لبيعه هنا وهنا.. عفريت «عم ربيع» يطلع على الحبل ويعرف يعوم ليس له زوجة أو بنت أو أب أو أخ.. هو وحده لكن لديه وعى وحكمة عنف وطيبة كل هذه التفاصيل وضعتها لـ»عم ربيع» بينى وبينه.

■ هل توقعت توحد الجمهور مع هذه الشخصية؟ 

- إطلاقا.. يوم وفاة عم ربيع كنت نائما استيقظت على جرس الهاتف وكم هائل من المكالمات الحزينة على وفاة عم ربيع.. وقتها اتخضيت و»قولت الله يرحمه يا جماعة بس أنا عاوز أنام».. أحببت عم ربيع لكننى لست طيبا مثله هو رجل معطاء ولا ينتظر مقابلا لهذا العطاء.

■ هل من المهم أن يحب الممثل الشخصية حتى ولو كانت على النقيض من حقيقته؟

بالطبع لابد أن يحبها ويدافع عنها حتى ولو شريرة، إذن كيف تعيش هذه الشخصية يجب أن يحميها ويدافع عنها امام الجمهور، أتذكر على سبيل المثال شخصية عزت فى «أزمة منتصف العمر» رجل سخيف جدا.. كنت أدافع عنه بما أوتيت من قوة، أرى دائما أنه على حق فى كل شىء ادعمه وادفعه إلى الأمام، إذا لم تجد الشخصية هذا الدعم والدفاع عنها تموت.

■ إذا لم يكن النص جيدا هل يمكنك إضفاء شيء من الأهمية عليه؟ 

ـــ النص هو الأساس رقم واحد لابد أن يكون محكما والشخصيات واضحة، كل شخصية لها البروفايل الخاص بها، تراه تدخل فى أعماقه، إذا لم يكن هناك دراما لن يستطيع الممثل إضافة أى شىء لأن المؤلف هو الفنان الحقيقى هو من يمتلك موهبة الخلق، يخلق شخصيات من لحم ودم وهو الذى يسهل على الممثل عملية الإبداع.

■ هل خضت تجربة الكتابة من قبل؟

- تمنيت وفشلت من أول سطر، ليس لدى خيال، لا أكذب خيالى يخص عملى فى أداء الشخصية لكن التأليف موهبة أخرى فى خلق شخصيات وتشبيك علاقات، اضيف فى التمثيل بلا زيادة أو نقصان سطر أقدم ما كتب لى بينما هناك زملائى يحترفون الإضافة على شخصياتهم لديهم موهبة الكتابة فيقوم بتفصيل المشهد بينما أجلس مثل الحزين أجود فيما أستطيع التجويد فيه.

■ هل حدث من قبل واختلفت فى قراءة العمل مع المخرج؟

- لا أختلف مع المخرج لأنه رب العمل، خصوصا إذا رأيت شخصيتى جيدا أراها وحدها، والمخرج يرى العمل بالكامل ثم علاقتى بباقى الزملاء داخل العمل، والعلاقة بالمكان والزمان هو الذى يرى، أطيع المخرج وأقنعه حتى ولو غير مقتنع، لكن فى النهاية نحن متفقون لأننى أقدم أشياء من صميم الشخصية، غير مقبول ولا يمكن أن أسير فى طريق عكس طريقه..المخرج رب العمل وأنا أداة من أدواته.

■ كيف تعلمت العزف والرسم والنحت بمفردك ولماذا حرصت على اتقان هذه الفنون؟ 

- كل ألوان الفن متصلة ببعضها البعض، فيما يخص النحت أتيت بقطعة من الطين وجربت مرة واثنين حتى استطعت إخراج شىء منها، ثم تجرأت ورسمت لوحة مثل الفنانين، أما الموسيقى طالما الفكرة التى تجمع الآلات واحدة مع تعدد أنواعها العود يشبه الكمان يشبه التشيللو، الكولة تشبه الناى وكذلك الرق والطبلة متشابهان، كل هذا يخدم التمثيل، إذا أتى لى دور وطلب منى الرسم أو العزف لابد أن أكون متقنا لهذه الفنون وحدث وقمت بالعزف وغناء «أوقاتى بتحلو» فى دور سيد مكاوى بمسلسل «أم كلثوم» مع صابرين، ومسسلسل «إلا أنا.. بيت عز» بطولة سهر الصايغ عزفت «يا خلى القلب» مع صفاء الطوخى.

■ ما هى النصيحة الدائمة لأبنائك من المتدربين فى ورشة رشدى الشامي؟

- من تدرب معى بالتأكيد رأى إرهاقا شديدا لأننى عنيف فى التعليم مع التلاميذ وتلميذ جدا فى التعلم، أريد أثناء التعليم تحقيق هدف كبير وعليك أن تستيقظ معى أو تغادر، طالما اتفقنا على التعليم لابد أنك ستتعلم أى شىء وسوف أجهدك بشدة، أكثر نصيحة كنت انصح بها الممثلين جملة شهيرة أرددها دائما.. «اتركوا الظاهر الملموس وابحثوا عن الخفى المهموس» اترك الكلام المكتوب وابحث عن المعنى فى خفاياه المهموسة.