السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» تستغيث بالنحاس باشا!

«روزاليوسف» تستغيث بالنحاس باشا!

فوجئت السيدة «روزاليوسف» بمكالمة من أحد عمال المطبعة يخبرها بأن البوليس صادر المجلة بالكامل ووضع النسخ كلهاـ عشرون ألفًا ـ فوق عربة كارو لنقلها إلى وزارة الداخلية!



ذهبت «روزاليوسف» إلى المطبعة ونصحها أحد الضباط بالذهاب إلى مصطفى النحاس باشا وتطلب منه أن يأمر فورًا بالإفراج عن النسخ المصادرة!

وتحكى السيدة «روزاليوسف»: وجريت إلى بيت الأمة بغير سابق موعد ولا استعداد وأطلعت الحاضرين على خبر المصادرة فارتفعت الأصوات معترضة وأخيرًا حضر الباشا «النحاس» ومكرم عبيد الأستاذ، وكانت المقابلة الأولى إذ أننى لم أكن قد تشرفت قبل اليوم برؤية وجهيهما إلا عن طريق الصور وعن طريق النظر من بعيد لبعيد!

جريت نحو النحاس باشا ومن غير سلام ولا كلام صحت: 

ـ يا باشا صادروا «روزاليوسف»، وأنا عاوزاك تأمر بالإفراج عنها!

وصاح الباشا بدوره: أيوه.. أيوه.. لازم.. لازم!

والتف الجميع حولى يتأملوننى لأول مرة والدهشة ملء عيونهم، فهذه إذن هى السيدة التى تصدر مجلة سياسية والتى تدافع عن الوفد وتهاجم خصومه وتتفوق فى ذلك على غيرها من صحف الوفد دون أن تعرف واحدًا من الوفديين!

وقال لى النحاس: اقعدى يا بنتى إيه الل حصل؟!

ورويت القصة كلها وقدمت له نسخة كنت أحملها من العدد المصادر!

ثم انخفض صوته ـ النحاس باشا ـ بعض الشىء ليقول:

ـ ويعنى كنت منتظرة إيه من الوزارة المجرمة دى اللى تصادر حرية الصحافة!

وهنا تقدم نحوى الأستاذ «مكرم عبيد» وقال فى لهجة خطابية: لك الفخار يا سيدتى وإلى الأمام!

ولكننى لم أسر إلى الأمام بل بقيت فى مكانى بعد أن أتضح لى أن الضابط النشيط ـ الذى نصحنى بمقالة النحاس باشاـ ضحك علىّ وذقني وصرفنى بصنعة لطاقة وأنا هبلة زى طور الله فى برسيمه!

ولم يأمر النحاس طبعًا بالإفراج عن العدد كما كنت أتوهم وأخذ الجميع يتدالون وأخيرًا استقروا على رفع دعوى مستعجلة على الحكومة ومطالبتها بالتعويض!

واستدعى النحاس عددًا من المحامين الشبان فى ذلك الوقت منهم «محمد صلاح الدين» و«صبرى أبوعلم» و«سليمان غنام» وكلفهم برفع دعوى مستعجلة لطلب الإفراج! وخرجت من بيت الأمة وأنا أذكر العوض الذى هو على الله ودخلت بيتى والساعة تدق السادسة مساء فقابلتنى «آمال» ابنتى وهى تصيح ضاحكة:

ـ إيه ده يا ماما انت لابسة البرنيطة كده ليه؟!

ونظرت إلى المرآة فإذا بي أراني لابسة البرنيطة بالمقلوب!

وهنا ارتسمت على شفتى أول ابتسامة فى ذلك النهار الذى صودر فيه العدد رقم 134 والذى شعرت فيه بلوعة لا أذكر أننى أحسستها من قبل!

ولم تكن السيدة «روزاليوسف» تتوقع هذه المصادرة أبدًا ووجدت نفسها فى ورطة وأزمة! وللذكريات بقية!