الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مهندسة الديكور نهى برادة فى حوار لـ«روزاليوسف»: كان طموحى العمل بالسلك الأكاديمى ولم يكن المسرح فى حساباتى على الإطلاق

لم تكن تعلم الفنانة التشكيلية نهى برادة أن القدر سيهيئ لها مصيرًا مختلفًا لتصبح أهم مهندسة ديكور فى مصر، رغم طموحها الأساسى فى العمل بالسلك الأكاديمى والتدريس بكلية الفنون الجميلة بحسب تفوقها على مدار سنوات الدراسة إلا أن رؤية الدكتور سامى رافع ونبوءته لها تحققت وغيرت الأقدار دون تدخل منها ودون أن تعلم بأن تصميم الديكور سيكون عنصر نجاحها الأول والأساسى بمجال الفن، لتصنع برادة مسيرة مسرحية تجاوزت الـ160 عرضًا وتكون شاهدة على تاريخ المسرح المصرى فى سنوات قوته وعنفوانه, حيث شاركت فى العديد من الأعمال المهمة التى شكلت وجدان المصريين منها: «سيدتى الجميلة»، «ريا وسكينة»، «مدرسة المشاغبين»، «انتهى الدرس يا غبى»، «ولا العفاريت الزرق»، «شارع محمد على» وغيرها الكثير، كرمها المهرجان القومى للمسرح فى دورته لهذا العام.. عن التكريم وكواليس صناعة هذه الأعمال وغيرها.. قالت برادة فى هذا الحوار:



■ بسبب إحدى اللوحات الفنية تنبأ لكِ الدكتور سامى رافع بالعمل فى مجال ديكور المسرح والتفوق فيه، ماذا عن قصة هذه اللوحة؟

 ـ بالصدفة البحتة كان لدينا فى السنة الرابعة بكلية الفنون الجميلة مادة رسم المناظر نذهب خارج أسوار الكلية يوم الخميس من كل أسبوع لرسم مشاريع مثل قصر محمد على بالمنيل، القلعة، نهر النيل لعمل محاكاة، كان لدينا مشروع لرسم القلعة لكننى مرضت وحاولت الاعتذار للأساتذة لكنهم لم يتقبلوا اعتذارى وأصروا على تسليم اللوحة بوقتها، عدت إلى المنزل حزينة وحائرة لكننى قررت القيام برسم اللوحة, جلست وحدى من العاشرة مساءً حتى الرابعة صباحًا رسمت القلعة من خيالى جردت المنظر، وضعت لون أحمر بأكثر من درجة واستخدمت الموس, وبالتالى عملت تجريدًا للسلالم والقلعة، فى اليوم الثانى ذهبت غرفة الأساتذة عندما شاهدها الدكتور سامى رافع قال.. «ياه البنت دى فظيعة ممكن تبقى مهندسة ديكور مسرح هايلة».. لكننى لم أدرك وقتها لماذا قال هذا التعليق.

■ فى رأيك ما الذى أوحى له بهذا التعليق؟

 ـ حسب ما فهمت فيما بعد أننى صممت القلعة كأنها تحتوى على جدران جانبية مثل كواليس المسرح، أخذت الجناب وكأننى مقفلة كواليس مسرح وكذلك الوجهة بمظهرها المجرد جدا لأننا لم ندرس المسرح بالكلية, دراستى فى الأساس كانت قسم فنون زخرفية وعمارة.

■ إذن كيف جاء التوجه للمسرح؟

ـ لم يكن تفكيرى أو طموحى بالمسرح أو الفن التشكيلى، كان طموحى أكاديميًا بحتًا, كنت أريد العمل بسلك التدريس بالكلية خاصة أن درجاتى كانت تؤهلنى لهذا لأننى تخرجت بمرتبة الشرف حصلت على أعلى درجة فى ذلك الوقت بمادة المناظر التى دخلت بسببها المسرح 96% أعمال سنة لم يحصل أحد على هذه الدرجة بسهولة، لم أفكر فى المسرح لكن القدر جاء به إلى عندى، كنت استعد للتدريس كمساعدة للأستاذ صلاح عبدالكريم بعد التخرج، لكنهم فى نفس العام لم يطلبوا معيدين ولا السنة التالية لها، بينما فى نفس سنة التخرج طلب التليفزيون من طلبة كليات الفنون التطبيقية والفنون الجميلة من أوائل الدفعة أن يتقدموا للعمل بالتليفزيون المصرى، زملائى وضعوا اسمى معهم، تسلمت العمل فى فبراير 1963، لم نعمل بالديكور وقتها كنا نتدرب مع الأساتذة، بعد ذلك أسس الأستاذ السيد بدير مسرح التليفزيون، وأعلن عن تأسيس عشر فرق مسرحية وأرادوا أن يأسسوا لهم إدراة خدمات إنتاجية كانت تحية كامل رئيسة المجموعة فى أول رواية منحت لكل شخص فصلًا فيها, لكنها لم تمنحنى شيئًا، سألتها لماذا.؟!.. «قالت.. «لما تيجى حاجة تانى», ثم كان حظى فى رواية نجيب محفوظ «خان الخليلى» كانت من ثلاثة مناظر، وكان حسين كمال قادمًا من فرنسا وعماد حمدى أول مرة يقف على المسرح وأول بطولة لصلاح قابيل وكان الحظ حليفى فى هذا العرض.

■ كيف تشكلت رؤيتك للعمل الفنى؟

ــ قمنا بتنفيذ الديكورات فى استديو مصر، لكن شغل السينما مختلف عن شغل المسرح لأن ديكور السينما ثابت, بينما المسرح من ثلاثة فصول يتم تغيير الديكور فى كل مشهد، بدأت فى تنفيذ الشغل على قماش المنظر الأول بيت صلاح قابيل منقسم إلى غرفة وصالة, ثم فى المشهد الثانى شارع ومقهى بالنسبة لى الشارع كنت أريد تصميم الجدران فى شكل دهان متهالك رسمته على اسكتشات بالألوان بالمقاسات المطلوبة, ثم كانت مرحلة التنفيذ بالاستديو هم لم يعتادوا على العمل بهذه الطريقة، لأنهم يعملون على ورق «كرافت» «خيش» ويتم كلكعته بالجبس لكننى بدأت أطلب قماشًا مشدودًا وغرة حمص وألوانًا وورق جرايد ونشارة خشب.. رؤساء العمال رأوا أننى «مجنونة» و»بعك» وضعت الجرائد بالغرة ثم وضعتها على القماش المشدود، ظهرت ولونتها، وبالتالى نفذت اللوحة التى قال عنها حسين كمال عندما شاهدها للمرة الأولى «برافو ينفذ فورًا».. حصلت هذه المسرحية على سوكسيه رهيب وشهدت احتفاءً نقديًا كبيرًا, كتب كبار النقاد عن الديكور نقدًا جيدًا جدًا.

■ هل من الممكن أن يغلق المخرج خيالك؟

  ـ المخرج عادة يطلب ما يريد على سبيل المثال يقول أريد فتحات على اليمين أو الشمال، لكن بمرور الوقت أصبحوا يتركوننى أعمل وغالبًا أنفذ الرواية حسب ما قرأتها، لكن إذا أصر المخرج على شىء ولم أره لا أنفذه، وسبق أن حدث معى هذا الموقف مع أحد المخرجين الذين أعتز بصداقتهم، المخرج كمال ياسين كان مديرى بالمسرح الكوميدى وكان فتحة الخير على شغلى الثقيل بالمسرح فى «زهرة الصبار»، اختلفنا فى رواية «أولادنا فى لندن» مع الفنانين المتحدين بالإسكندرية، دائمًا أستاذ كمال يريد أكثر من اختيار، رسمت أكثر من ماكيت بالكرتون وعملت له منظرًا مركبًا فى لندن من غرف نوم، مطبخ، وساعة بيج بن, كنا نرى الساعة من على بعد, بينما خطرت له فكرة أن أضع بابًا فى هذه المنطقة، كان باب الدخول من بداية المسرح على الكواليس، لكنه يريد إقامته فى وجه المسرح, قلت له لا يصلح منطقيًا لا يجوز وبالتالى تركت المسرحية لأننى غير مقتنعة وكانت أتساءل أين أضع السلم يا أستاذ و»ركبت دماغى»..!

■ هل من المهم أن يكون لمهندس الديكور رؤية بجانب رؤية المخرج؟

ـ بالتأكيد ومن المهم أن يتفق الاثنان ويلقتيان فى نقطة وعادة لم يتكرر معى موقف مثل موقف كمال ياسين, الجميع كانوا يثقون بعملى وكنا نتفق فى أغلب الأحوال لم تحدث خلافات عنيفة مع أحد.

 ■ فى رأيك هل معمار المسارح فى مصر من الممكن أن يحد من خيال مهندس الديكور؟

 ـ ممكن لأن خشبة المسرح عندنا صغيرة جدًا، مسرح الهوسابيرعلى سبيل المثال شهد العديد من الأعمال المسرحية الناجحة «أنا وهو وهى»، «أصل وصورة»، المسرح عبارة عن مجرد فتحة ستارة 9 أمتار أو 10 أمتار, ليس هناك عمق سوى 5 أمتار، وبالتالى ليس لدى كواليس كل هذا يحد من عمل مهندس الديكور وعادة أفكر فى حلول لهذه المشاكل حتى أتجاوزها خاصة فى مسألة تغيير الديكور كيف نحل هذه المشكلة، لو لم يكن هناك استراحة والستارة مغلقة تصعب المسألة، بينما فى أوروبا خشبة المسرح بحجم الصالة كاملة التى يجلس فيها الجمهور, هناك عمق للمسرح وكواليس الكواليس وراؤها فراغ 10 أمتار الستارة 5 أمتار من اليمين والشمال زيادة لإخراج وتحريك الديكورات هذا الشكل غير موجود فى مصر.

■ ما أصعب الحلول التى واجهتك أثناء تنفيذ أحد الأعمال؟

ـ أصعب الحلول كان فى «زهرة الصبار» على مسرح الجمهورية، كان لدينا مشهد العيادة والمنزل، محل الاسطوانات، والكباريه نحو 7 أو8 مشاهد على خشبة  مسرح محدودة، اتفقت مع أستاذ كمال ياسين أن نقيم مثلثًا يمينًا وشمالًا على أول الستارة، ثم دائرة كاملة بعد ترك متر أو متر ونصف المتر نضع عليها المكتب والسرير، دائرة مصنعة صنعنا نحو 15 سم أعلى من خشبة المسرح وشاريوه يختفى وراء ستارة، بحيث يتم تعشيق الحاجات مثل «البازل» فى بعضها لتغيير المشاهد والمناظر بسرعة، عادة كنت أبحث عن حل، واستغل المتاح دون تعقيد للأمور، وما فعلته فى «زهرة الصبار» سهل على «سيدتى الجميلة» فى مشهد صعب ليس لدينا خامات إكسسوارات الديكور «المفصلات» تمكنك من عمل البارافان لم يكن موجودًا وقتها، فى مشهد السبق.. «موسى نبى وعيسى نبى».. تتشد ستارة وراءها عليها تروس الأحصنة عملنا بانوهات خشب ولعبت بالقماش بين الفريم والفريم تكون قطعة القماش هى المفصلة كنت أتحايل على الأشياء حتى يخرج العمل فى أفضل صورة، «شارع  محمد على» من الروايات التى صنعت بها شغلًا معشقًا حلوًا قويًا.

■ وماذا عن «هاملت» لكرم مطاوع؟

ـ فى «هاملت» مع الأستاذ السيد بدير الذى أعتبره عبقريًا قال لى نريد أن نبين «هاملت» وكأنه ينتقل من أقصى الشمال إلى أقصى اليمين كانت تعرض على دار الأوبرا القديمة,

صنعنا شيئًا مثل «التريد ميل» ميكانيكى تسير وكرم مطاوع يتحرك بقدمه عليها كأنه يسير والخلفية سور كبير بحجر فى باب على الشمال من أبواب القلعة يتحرك والباب يتم شده بالحائط برفق تمنح إيحاءً أنه يسير وينتقل إلى منطقة أخرى.

■ بالتأكيد لكِ ذكريات لا تنسى مع الراحل السيد بدير؟

 ـ أستاذ سيد فنان حتى النخاع ما بين سينما ومسرح وإذاعة دمث الخلق، ويفيض عطفًا وحنانًا كان يتولى وقتها إدارة المسارح ويستطيع حل أى مشكلة ببساطة وهدوء, أتذكر خلافًا كبيرًا وقع بينى وبين الفنان حمدى غيث، كنت مازلت صغيرة ومندفعة، شاركت فى مسرحية «قصر الأحلام» بعد نجاح «خان الخليلى» بطولة محمود مرسى، عادل إمام، وصلاح قابيل قدمت الرواية لأول مرة بالإسكندرية، ثم جاءت للعرض بالقاهرة وكانت ستعرض على مسرح «الكورسال الصيفى» أظن محمد فريد حاليًا، جاءت الديكورات من الإسكندرية ناقصة ووقتها كان السيد بدير يحضر فعاليات مهرجان السينما بالإسكندرية، وحمدى غيث يتابع العمل مكانه بالقاهرة، الديكور كان ينقصه 3 بانوهات فى المنظر الأول والثانى، والرواية لابد أن تفتح اليوم، كانت الرواية الثانية لى وكنت أخشى على اسمى.. «أخذتنى الجلالة» وباندفاع قلت .. «مش هفتح الستارة» رفضت تمامًا إلى أن أتى حمدى غيث ومعه مجموعة غاضبًا من موقفى ووجدته يعنف مدير المخازن والرجل لا يرد وتفيض عيناه من الدموع، انفعلت لأنه مظلوم وأكدت له أننى طلبت بإلحاح ضرورة وصول الديكور كاملًا من الإسكندرية ولم يسمعنى أحد وهذا الرجل ليس له ذنب، علا صوته وقال لى أخرجى احتد النقاش بيننا.. «قلت له ده مال الحكومة أخرج بره فين».. قال لى.. «أنتِ مين عينك هنا» قلت له.. «إنت كنت فى اللجنة».. مسك يدى لدفعى للخارج ضربته وقلت.. «شيل ايديك من على ما تلمسنيش»..!

■ وكيف انتهى الأمر بينكما؟!

 ـ  الأستاذ سيد رجع من الإسكندرية وطلب مقابلتى، وفى نفس التوقيت وجدت الفنان حمدى غيث خارجًا من مكتبه لم التفت إليه، ثم جلست بالمكتب وجدت الأستاذ سيد يداعبنى قائلًا «حضرتى البالطو بتاعك» فى البداية لم أفهم مقصده وتصورت أنهم سيعاقبوننى بإرسالى إلى مكان بعيد أو أنه يقيلنى بشياكة.. قلت.. «بالطو ايه».. «عشان تسافرى».. سكت فكرت قال لى.. «حمدى ماقالكيش» قلت.. «الراجل ده مش بكلمه»، وجدته يقول.. «ايه ده انتوا لسه ما تصالحتوش»، ثم كلمه قائلا.. «ايه يا حمدى مش قلت لك تعتذر لها وتصالحها».. «قاله يا بيه بتقول لى أنا قاعدة فى مال الحكومة»..قاله يا حمدى أنا قلت لك دى بنت ناس»، وفى النهاية اكتشفت أن الأستاذ سيد كان يقصد بالسفر رحلة المركز الثقافى البريطانى للاحتفال بمرور 400 سنة على شكسبير.

■ هل غيرت هذه الرحلة نظرتك فى صناعة الديكور فيما بعد؟

ـ لم تغير نظرتى بينما فتحت ذهنى على أشياء متعددة، عندما عدت بدأت أرى أننا نصنع أشياء ثقيلة على المسرح مثلا هم يصنعون نجف كريستال يبدو حقيقيا لكنه غير حقيقى على الإطلاق، تمنيت لو نقيم قسما للتدريب لكننى لم افلح فى اقناع أحد، استفدت كثيرا من الرحلة، لكننى سافرت لمشاهدة عروض موسيقية ضخمة مثل «ذهب مع الريح» كانت بديعة، هناك قطار كامل يدخل على المسرح، وفى مسرحيات أخرى كانت هناك مركب بكامل هيئتها تدخل المسرح، حاولت عمل فكرة إدخال القطار فى مسرحية «الصعايدة وصلوا» لكن للأسف الإخراج لم يمنحنى الفرصة للاستكمال، دخلت القطر بينما السيد راضى مخرج العرض لم يكمل المشهد.

■ ماذا عن «سيدتى الجميلة ولقائك مع حسن عبدالسلام؟

ـ  قبل «سيدتى الجميلة» كان المخرج حسن عبد السلام مديرا لقصر ثقافة الإسكندرية وكنت وقتها أعمل فى مسرحية للسيد بدير وحسن يوسف، كورنيش الإسكندرية كان مزدحما بالمسارح، مثل مسرح الريحانى، إسماعيل ياسين، امين الهنيدى، مسرح كوتة، مسرح الإبراهيمية، ومسرح السلام، كنت فى وقت من أوقات الصيف أعتبر هذه المسارح ملكى اسير واتجول بينها فى عروض أعمل بها، وفى إحدى الروايات هناك 3 مناظر والمنظر الأخير لم يتم تجميعه حتى بالخشب، المنفذ سليمان المصرى كان رجلا لطيفا للغاية يعمل بذمة وضمير حدث ظرف وأصبح بمفرده ، قررت أن أنزل للعمل معه بالمعدات الشاكوش حتى ننجز العمل، ثم جاء الأستاذ سيد للاطمئنان على العمل وكان معه الأستاذ حسن عبدالسلام وجدنى على خشبة المسرح اشتغل بيدى سأل عنى.. ثم طلبت أشياء ناقصة طلب منى أن أمر عليه بالمكتب لتوفير ما ينقص العمل، عدت للقاهرة ونسيت الأمر، ثم فجأة فى العاشرة مساء بأحد الأيام وجدت الأستاذ سمير خفاجى يهاتفنى أنهم يريدوننى الآن بالمسرح، كانت بروفات «سيدتى الجميلة» ذهبت بمجرد دخولى المسرح استقبلنى شخص على الباب بترحاب كبير..» تعالى بسرعة».. صعدت المكتب وجدت الأستاذ حسن يقول لى..» انا مسافر بكرة ألمانيا هغيب 4 أيام عاوزك تعملى لى منظر حارة فى مستويات مختلفة توقفى وتقعدى ناس ويالا عشان مستعجل»!.. طلبت استأذن استاذى أولا صلاح عبد الكريم لأنه كان صاحب العمل بالرواية وبالفعل حدث ودخلت العمل معهم.

■ بجانب المسرح كانت هناك تجارب فى التليفزيون مثل «زينب والعرش»؟

ـ «زينب والعرش» كان كله ديكورات فى استديو صغير جدا استديو الجيب مساحته لا تتجاوز ثمانية أمتار، وهنا أفادتنى  دراسة العمارة الداخلية والعمل بالمسرح استطيع التحايل واللعب فى تشكيل المكان حسب ما أريد، أضع جدارا ثم أزيله، ادخل الأشياء فى بعضها مثل «البازل»، وهكذا فعلت فى «عودة الروح» مع حسين كمال، وكذلك «أوراق الورد».

■ ما الفارق الملحوظ بين تصميم الديكور للمسرح والتليفزيون؟

ـ فى المسرح من الممكن أن أصنع أشياء أقرب للفانتازيا والخيال مثل جبل بـ«ورق الذهب» فى مسرحية عريس وعروسة بطولة عزت العلايلى ونجوى فؤاد، بينما التليفزيون والسينما ديكور واقعى للبيوت أو حارة أو أى شكل حقيقى.

■ فى رأيك كيف ترين الفرق بين العمل فى القطاع الخاص والعام وقتها؟ 

ـ الشكوى من القطاع العام عادة تتعلق بالماديات لأنهم يريدون عمل أفضل شىء بأقل الإمكانيات لكن مهندس الديكور يريد تقديم احسن شىء بأغلى الخامات، أحاول توفيق الأمور وعمل توازن حتى أصل إلى ما أريد مثلا فى أوراق الورد عملت حيلة ورق الحائط ازرق لم استخدم ورقا بينما شكلته من قماش بدل الورق، المسلسل كان إنتاج الفنانين المتحدين فكرت فى إمكانية توفير هذا القماش بفكه وتركيبه واستغلاله بالعرض أيضا وبالتالى أوفر الصرف على المنتج، فى «زينب والعرش» الجدران التى حملت الشغل العربى كانت أقمشة مراتب.. على رأى الأستاذ سيد بدير.. «الشاطرة تغزل برجل حمار» وكنت أرد عليه.. «يا أستاذ سيد دول بيشتغلوا بالشاكوش والأدوم معندناش صوانى نجارة بمعنى معدات النجارة الميكانيكية».

■  لماذا لم تواصلى العمل منذ آخر عرض «مولد سيدى المرعب 2010؟

ـ لأن المناخ كله تغير والشباب الجدد قد يخشون التعاون معى، قد لا ينسجمون فى العمل مع شخص قديم مثلى خاصة مسألة الشاشات أنا لا أفهمها كثيرا ولا أحبها.

■ هل التقنيات تلغى خيال مهندس الديكور؟

ـ الأستاذ السيد بدير أول من أدخل عنصر الشاشة للمسرح عام 1964 وكان وقتها شاشة سينما أتى بمجموعة من تشيكوسلوفكيا وقدمها فى عرض كان الممثل يدخل بالشاشة ويخرج منها على المسرح وكررها جلال الشرقاوى فى مسرحية «انقلاب» مع نيللى وإيمان البحر درويش، من المهم أن تكمل الشاشة الديكور على المسرح لكن من الصعب الاعتماد عليها بشكل كلى لأن هناك مستويات وأشياء لا يمكن صناعتها سوى بالديكورات. .