الإثنين 22 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

خلف باب القدر تجد الرحمة

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل شاب لم أبلغ من العمر الثلاثين بعد، حاصل على مؤهل عالِ - وأعانى كثيرًا فى هذه الحياة - يفصلنى عن حد الانهيار إيمانى الشديد بالله عز وجل، فتحت عينيَّ على الدنيا فوجدت كل مهمتى فيها، هى دفع فواتير قرارت خاطئة، لأعز وأقرب الناس، دون تفكيرهم الأدنى فى عواقبها المحبطة، حكايتى تبدأ من أحد أحياء القاهرة القديمة، حيث كانت نشأتى وإقامتي.. قرر والدى البالغ من العمر ٦٠ عامًا، أن يتزوج لأول مرة قبل والدتي، وهو لايزال صبى بعمر ١٧، يعمل لدى جدى مالك أحد أشهر ورش صيانة السيارات، ثم رزقه الله من زوجته الأولى بستة أشقاء لي، يمكرون - والله خير الماكرين،، أكبرهم يدير حاليًا ورشة والدنا المتقاعد عن العمل بسبب تقدمه فى السن، هذا الأخ أعتبره سبب تعاستى بغيرته وحقده الدفين، تسرب من التعليم وتفرغ لملاحقة والدنا واستغلال ضعف شخصيته، وسوس إليه بعد زواجه من أمي، لإهمال الإنفاق عليها وعزلنا عن بيت العائلة مع أشقائي، وهى الأخرى لم يكن أمام ظروفها القاسية، وفقرها وقلة حيلتها، إلا الصبر على أحكام القدر،، سارت مضطره فى طريق مفروش بالأشواك، حيث أُرغمت عليه لتتخلص من كابوس زواجها الأول الفاشل دون إنجاب، وطلاقها بعد بضعة أشهر، من رجل كان يتفنن فى تعذيبها لأتفه الأسباب، لتستحيل العشرة بينهما، وتطالب بحقها فى الانفصال - دون أى مقابل،، ومن لوعة طلاقها إلى الهروب من تهديدات أشقائى بقتلى بعد زواجها من أبينا، وخوفهم على ميراثهم، قررت والدتى السفر إلى أحد محافظات القاهرة الكبرى، لنعيش بجوار خالتي، وعملت بعيادة أحد الأطباء، تكرس حياتها لتربيتي، وأنا لم أنسى منذ طفولتى أنه لا ذنب لها فيما وصل إليه حالنا، وبأنها أصبحت مسئولة منى كرجل صغير، كافحت بضعة سنوات بمهنة والدي، مستغلًا بعض المهارات والفنيات التى اكتسبتها فى صيانة السيارات هناك، أنفقت على دراستى وبعد تخرجى تركت هذا العمل وفضلت آخر بمطعم، لأتخلص من شقائى ومظهرى الذى لا يعكس كيانى كخريج جامعي، نقلة لا تقارن ماديًا بسابقتها - تسببت فى تعاستي، حيث ارتبطت عاطفيًا بأحد زميلاتي، وقررنا الاستمرار فى الكفاح معًا لنتزوج فى النهاية، قبل أن يصدمنى والدها حين نجحت فى توفير مبلغ يؤهلنى لخطبتها، قابلته لأعترف له بنيتى فى التقدم لابنته، فقال لي: «سألت عنك وعرفت أنك إنسان مكافح أنت ووالدتك - لكن أعذرنى ولو انت مكانى مش هتوافق، بلاش تطلب منى تفاصيل أكثر لرفضي»، حمدت الله أننى تلقيت تلك الصدمة بمفردى دون اصطحاب والدتي، لأننى كنت متشكك فى نواياه، رجل غير مريح شكلًا وموضوعًا رغم بساطته - ليس إلا موظف كادح مثل كثيرين من حولي،،، مشكلتى أننى لا أستطيع نسيان تلك الفتاة، التى أرغمها أهلها على ترك عملها لإبعادها عني، تتصل بى باكية على إصرار والدتها تكثيف البحث عن عريس مناسب غيري، بأسرع وقت،، أشعر بالقهر والضيق من حياتى كلها، لأننى أحبها بشدة، رغم مرور بضعة أشهر فقط على لقاءنا الأول - ما يحزننى أستاذ أحمد، هو أننى أهملت فى صلاتي، وساءت علاقتى بوالدتي، أصبحت ضيق الأفق معها، تركت عملى لمحاولة نسيان حبيبتي، وتحولت لشبح رجل فقد وزنه وزاد همه وتبدلت أحواله - من شاب مقبل على الحياة إلى مدبر عنها،، فبماذا تنصحني!؟ 

إمضاء خ. ي

 

عزيزى خ. ى تحية طيبة وبعد…

من الطقوس التى تعودت عليها بصفة شخصية، عندما يضيق صدرى من ظرف ما أتعرض له، هو الاختلاء بنفسى والتأمل فيما وصل إليه حالي، ثم أطرح سؤالًا لا يتغير: ماذا يمكن أن يكون خلف باب القدر من حكمة لطيفة خافية، وسرعان ما يلهمنى الله عز وجل، ويطلعنى على وجه رحمته فى أمره النافذ، ثم ابتسم وأعود مقبلًا على حياتى بكل حب ورضا واقتناع،، فى ذات الشأن يقول العارف بالله أبو العطاء السكندري.. «ربما أعطاك الله فمنعك وربما منعك فأعطاك» وقول آخر: «متى فتح الله لك باب الفهم فى المنع صار المنع عين العطاء»، الشاهد مما سبق أن - خلف باب القدر دائمًا تجد الرحمة، لا شك فى ذلك،، فكن صبورًا وامضى فى طريقك مؤمنا راضيًا، حتمًا سيعوضك الله ويجازيك خير الجزاء.. من جهه أخرى إذا تأملت أبعاد قصتك، ستجد أن الأقدار دائمًا تفرض أحكامها على الجميع، من بينها زواج والدتك أطال الله فى عمرها أول مرة، من رجل غير مسئول، لم يحافظ على أمانة الله فيها - بل جار عليها، فاستغلت عدم وجود أطفال بينهما، وفضلت النجاة من ظلمه لاستحالة العشرة، وهذا قرار صحيح،، ربما زواجها الثانى من والدك صاحب الستة أبناء من زوجته الأولى، كان منطقيًا أيضًا فى ظاهره استنادًا على ظروفهما المتشابهه والمناسبة - لكن باطن القدر هو أن يرزقها بك، حتى تكون سندًا وعونًا لها فى حياتها التى اجتهدت فيها كثيرًا، وكافحت متوكلة على الله لتؤجر على صبرها وهروبها بك، تاركة حقوقها لدى والدك، بعد أن شعرت بالخطر المحدق بكما، وتكالب أطماع الدنيا على شقيقك الأكبر، لدرجة تهديده لكما بالقتل كما أشرت،، أما بالنسبة لفتاتك التى رفض أهلها ارتباطك بها، فلما لا تعتبر بقول «السكندرى ابو العطاء» ربما منعك الله فأعطاك أى حرمك من قدر فى ظاهره الخير والسعادة، وباطنه الخراب والندم،،، لذا أنصحك بنسيانها وأنت لازلت لم تكمل عامك الثلاثين بعد، أمامك من الوقت الكثير لتتزوج بأخرى، فى ظروف أفضل وعمل أنسب وأكسب،، لا تربط مصيرك بالشكليات كما فعلت وتركت عمل تجيده بصيانة السيارات، لتعمل بأحد المطاعم دون حرفة واضحة - لمجرد الحفاظ على أناقتك المرتبطة بمؤهلك الدراسي، وهذا خطأ كبير، لأن لكل مهنة أدواتها، وأدوات تلك المهنة هى العلم والهندسة قبل أن تكون ملابس ملطخة بالزيوت والشحوم، أهم شيء كما يقولون بالزمن الجميل «أن يكون جيبك عمران»، لذا ضع هدف محدد وواضح أمامك، واسعى لتحقيقه، وليكن هو أن تفتح ورشة إصلاح سيارات خاصة بك، تجتهد فى ازدهارها يومًا بعد يوم، تكون فاتحة خير عليك وعلى والدتك، وبعد نجاحك تبدأ فى البحث عن رزق آخر، فى زوجة صالحة يعوضك الله بها خيرًا بمشيئته ورحمته، عن فتاتك التى لم تُكتب لك بنفس المشيئة،، يقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة يوسف، بسم الله الرحمن الرحيم «إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ» صدق الله العظيم.. وأخيرًا فالتعلم بأن ما قد يظهر أمامنا من أفراح القدر  ويسعدنا بشدة، قد يكون اختبارا للشكر على نعمة أو للصبر على نقمة، فلا  تغتر يومًا ولا تيأس، بل ثق فى قدر الله تجده عين اليقين، والله ولى التوفيق. 

دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا خ. ى