اشرف ابو الريش
صديقى والسياحة العلاجية
العشق لهذا الوطن لن ينتهى طالما كانت الروح فى الجسد.. ليس لنا وطن آخر يمكن أن نذهب إليه، وليس بغريب أن تكون مصر على مر العصور التاريخية مطمعًا للغزاة قديمًا ومغنمًا للقوى العظمى حديثًا.. من يريد أن يتعرف على هذه الدولة، التى خلق الله أرضها متفردة عن جميع الدول من حولنا، عليه أن يتجول فى محافظاتها شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، تشاهد عجب العُجاب لاتوجد محافظة مثل الأخرى أبدًا، وتلاحظ التفرد الغريب لكل محافظة، تذهب إلى الشرق فترى جنة الله فى سيناء شمالًا وجنوبًا، وتذهب إلى الغرب تشاهد أجمل شواطئ العالم، وتنزل إلى الجنوب تسحرك الصحارى والوديان، وجزء من السواحل والمدن المتفردة بمناخها وطيبة أهلها.
تواصل معى صديق منذ أيام كان زميل دراسة، يعمل منذ عشرات السنين فى دولة خليجية شقيقة.. كان صوته هذه المرة على غير عادته، شعرت بأنه مريض، وبالفعل قال لى: للأسف أعانى من خشونة مفرطة.. سنوات الغربة، ومناخ الخليج نال منى فى السنوات الأخيرة، ونصحنى الأطباء أن أسافر إلى أوروبا وتحديدًا إلى ألمانيا للعلاج، وأن هناك مشافى صحية متخصصة فى علاج العظام والخشونة بطبيعة الحال.. مكالمة مطولة شعرت، فيها بأن الناس مهما كانت لديهم الأموال والمناصب لا يمكن أن تكتمل معهم الحياة.. الدنيا تعطى للأسف باليمين، وتأخذ بالشمال.. تعطى المال فتأخذ الصحة، وتعطى المناصب فتأخذ راحة البال.. خلقنا جميعًا فى كبدِ ومشقة.. نسأل الله العفو والعافية.
المهم انتهت المكالمة بينى وصديقى وبعد ساعة اتصلت به مرة أخرى، وأخبرته بأن هناك مناطق استشفائية فى مصر لا حصر لها، وأن الألمان أنفسهم وغيرهم من كل أنحاء أوروبا يأتون إلى الوادى الجديد، وبعض مناطق السياحة العلاجية فى العين السخنة، وفى الغردقة، والفيوم، ومنطقة الواحات، وأسوان، وسيناء، وفى مدينة سفاجا على شاطئ البحر الأحمر، والتى تمتلك جميع عناصر السياحة العلاجية ويزورها سنويًا الآلاف من السياح بغرض السياحة العلاجية، والتمتع بالشواطئ الساحرة على ساحل البحر الأحمر.
الصديق العزيز لم يكن يعلم بكل هذه التفاصيل عن سياحة الاستشفاء فى مصر، وأن رمال هذا الوطن تفعل ما لا يستطيع أطباء العالم أن يقوموا به لبعض مرضى الروماتويد والخشونة والأمراض الجلدية والصدفية، وغيرها الكثير من الأمراض التى عجز الدواء عن شفائها نهائيًا.. طلب الصديق أن أختار له محافظة بعيدة عن البحر لأنه يريد الاختلاء بنفسه، ولا يريد أن ينزل ماء البحر.. اخترت له محافظة الوادى الجديد التى تحظى بعدد من العيون والآبار الكبريتية تخرج من باطن الأرض تحت درجات حرارة عالية تصل لأكثر من 47 درجة مئوية، وتحتوى على العديد من العناصرالمعدنية مثل الكالسيوم، والماغنيسيوم والكبريت، والفسفور، والمنجنيز، وعناصر أخرى لا تقل أهمية عن سابقيها، وأن هذه المحافظة الحدودية تحظى أيضًا بالعديد من العيون الجوفية التى تتمتع بميزة السياحة العلاجية فى مصر، وذات شهرة تاريخية عريقة مثل بئر 3 موط بالداخل، وآبار ناصر بالخارجة وعيون وآبار الفرافرة الكبريتيك، ومعظم هذه الآبار أصبحت الآن منتجعات سياحية، ومراكز استشفائية لا مثيل لها فى العالم .
سألنى الصديق العزيز هل هناك رمال علاجية لحالته المرضية؟ أجبته بأن رمال الوادى الجديد تعمل على علاج وشفاء العديد من الأمراض المستعصية.. و تمتاز بتركيبها الكيميائى الفريد، والذى يفوق فى نسبته جميع العيون الكبريتية والمعدنية على مستوى العالم فضلاً عن تواجد نسبة الطمى بالآبار والعيون ولهذا خواص علاجية تشفى العديد من أمراض العظام .. وأصبحت لها شهرة عالمية على خريطة السياحة العلاجية، ومقصدًا لراغبى الاستشفاء من جميع أنحاء العالم، حيث يقصدها السائحون من مختلف الجنسيات، للاستمتاع بالمناخ الصحى والعلاج الطبى الطبيعى، تحت رعاية متخصصين فى هذا المجال من أبناء المحافظة.
فى النهاية اقتنع المريض بأن علاجه فى بلده مصر، وهى أولى به من سفره إلى ألمانيا وسوف يلقى فى وطنه كل محبة وتقدير.. وستظل هذه الأرض طاهرة تحمل فى أعماقها الخيرات لأهلها ولكل من يأتى إليها طالبا الشفاء أو طالبا الخير لنفسه والمصريين.
مهما طالت علينا الشدائد سيأتى الفرج عن قريب.. ما ضاع وطن وأرض تجلى عليها الله.. وسنظل مهما تعرضنا لضغوط اقتصادية كانت أو غيرها، سيأتى الفرج بإذن الله عن قريب. تحيا مصر.