الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإرهـاب هـو الإخـوان!

الإرهـاب هـو الإخـوان!

اليوم وفى الذكرى العاشرة على فض اعتصام رابعة الإرهابى، وبعد أن استقرت الأوضاع وهدأت العاصفة، وجب علينا أن نعيد قراءة المشهد مجددًا ونخضعه للتحليل السياسى والأمنى على السواء، خاصة وأن الجماعة الإرهابية حاولت بناء مظلوميتها زورًا على هذا اليوم بعد أن استباحت دماء من ينتمون لها وقدمتهم قربانًا من أجل إعادة إحياء التنظيم مجددًا وطمس خطاياها والتغطية على فشلهم!



اليوم وبعد مرور هذه السنوات على الجريمة الإخوانية المعلنة، تظل القضية الرئيسية والسؤال الأبرز المطروح للنقاش هو من المسئول عن الدماء التى سالت والأرواح التى أزُهقت؟!

ونحن هنا بكل تجرد سوف نطرح السؤال ونحاول أن نجيب عليه من خلال وقائع لا تحمل الشك ولا البس.

علينا أولًا أن نعيد تذكير أنفسنا وإياكم، بما استقر فى وجدان  الأمة المصرية لما يقرب من مائة عام منذ نشأة الجماعة وحتى الآن وهو أن جماعة الإخوان ليست إرهابية بل إن الإرهاب هو ما يجب أن يتصف بأنه إخوانى، الإخوان فكرة قاتلة تعلو على أى فكرة إرهابية وتفرزها.

بمعنى أدق، كل إخوانى يقينًا هو إرهابى وكل إرهابى حتمًا هو مستند لفكرة أو نظرية إخوانية استعلائية أو عنصرية أو تكفيرية أو إقصائية.. باختصار «الإرهاب هو الإخوان»! ***  ما جرى فى رابعة وقتها لم يكن أبدًا اعتصامًا أو احتماءً بل معسكرًا تدريبيًا وتأهيليًا لكل أطياف الإرهاب، فكان الهدف هو تجديد وضخ دماء الإرهاب فى عروق كافة التشكيلات الإرهابية التى خرجت أساسًا من رحم التنظيم الإخوانى.

فلم يكن صحيحًا على الإطلاق ما أسماه التنظيم «اعتصام» بهدف الضغط على الدولة وصولًا لمرحلة التفاوض معها، التنظيم كان يدرك جيدًا أن عزل «مرسى» قد تم بقرار من الإرادة الشعبية وقد حسم، مما يستحيل معه هذا الاحتمال!

فلم يكن أمام جماعة الإخوان للخروج من أزمتها الوجودية إلا استدعاء الدم دون أى اعتبار لحرمته لبناء مظلومية جديدة، قادة الجماعة قرروا التوضؤ بدماء كوادرهم وعناصرهم وتقديم أرواحهم قربانًا لوجه الوثن التنظيمى!

على أرض رابعة كانت لحظة اليقين التاريخى التى التقت فيها كل تيارات الإرهاب التى خرجت من عباءة التنظيم، فى ميدان الدم أثبت التنظيم للعالم أنه آلة القتل الكبرى، ففى نفس الميدان نشأ تنظيم أنصار بيت المقدس وتنظيم أجناد مصر وتشكلت خلايا العمليات النوعية التى استباحت دماء المصريين.

ما حدث بعد عملية الفض الاحترافية لهذا الاعتصام دليل دامغ على أن العمل الإرهابى هو جزء أصيل من تأهيل الكادر الإخوانى، لأن درجة الخطورة والاحترافية التى اتسمت بها العمليات كشفت عن تدريب لا يمكن أن يكون وليدًا للحظته أو ردًا لفعل غير محسوب.

***

من المهم بعد هذه السنوات العشر أن ننعش ذاكرتنا، فكلما ابتعدنا تاريخيًا عن الحدث تسقط بالتبعية كثير من تفاصيله، مما استوجب علينا أن نعود بالذاكرة ونضعها أمام أنفسنا ونتلمس منها مدى الخطورة التى شهدتها البلاد وإلى أى مصير كان يمكن أن تتجه لولا فدائية وبطولة رجال وضعوا أرواحهم وأعناقهم فداء لهذا الوطن ولحماية مواطنيه.

لنستعرض الملابسات المحيطة بعملية فض الاعتصام.. إليك ما يلى:

- يوم الجمعة ٥ يوليو - أى بعد عزل مرسى بيومين - كان قد حدث اتفاق غير مباشر مع مرشد التنظيم محمد بديع ليظهر أعلى المنصة ويدعو المعتصمين للانصراف حقنًا للدماء، مقابل أن تشارك الجماعة كطرف سياسى فى تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها شعبيًا، لكن المرشد نكث بعهده واعتلى المنصة وحرض على الاعتصام والتمسك بالشرعية التى كانت قد أسقطت بفعل الإرادة الشعبية.

- قبل فض الاعتصام كان أحد قيادات الجماعة ويدعى «محمد على» قد نصح قادة التنظيم بضرورة الفض، منطلقًا من أن مواجهة الدولة مهلكة لأفراد التنظيم وقد أدت نصيحته إلى نشوب مشادات حادة غادر بعدها القيادى المذكور مكان تواجد القيادات داخل الميدان واتجه ليستكمل اعتصامه فى صحن الميدان، لكن القيادات اعتقدت أنه سيفت فى عضد المعتصمين ويدعوهم للمغادرة، هذا الرجل وقبل بدء الفض وجد مقتولًا داخل الميدان بعدما أطلقت النيران عليه من مسافة قريبة، تقرير الصفة التشريحية أثبت أنه قتل متأثرًا بإصابته بطلق نارى عيار ٩ مم فى الرأس، أى أن عملية قتله قد تمت داخل الميدان ومن مسافة قريبة لأن الفض لم يكن قد بدأ ولأن القنص من الخارج لا يمكن أن يستخدم فيه هذا العيار أبدًا.

- قبل بدء الفض حرصت الدولة على تسريب الخبر تسريبًا مكثفًا والإعلان عن ممر آمن لدفع المتواجدين للمغادرة، كانت الدولة تقصد ما تفعل.

- قبل الفض كان الشيخ محمد حسان قد توسط لتخفيف الاحتقان بعد لقاء مع وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسى التقى بعدها قيادات التنظيم داخل الاعتصام ولما سأل مفتيهم عبد الرحمن البر عن الدماء المتوقعة هل هى ظنية أم يقينية؟ أجاب البر على الفور بأنها متيقنة هكذا قال مفتى التنظيم المكلف بالرد ليكون رده فتوى شرعية للقتل والتقتيل، من هذا المنطلق أسالت الجماعة دماء يقينيًا من أجل مظلومية ظنية.

- قبل الفض وخلال شهر رمضان كانت فترة الاعتصام قد طالت دون أى إجراء من الدولة فغلب الظن على التنظيم أن الدولة ستتبع سياسة التجاهل حتى ينتهى الاعتصام من تلقاء ذاته وبالتالى لن تكون هناك دماء، هكذا اعتقد التنظيم، فراح يدفع بمجموعات إلى خارج الميدان للتحرش بالدولة لعل الدماء تسقط ويبدأ رصيد المظلومية فى التراكم، حتى أن أحد هذه التحركات كان أن وصل إلى قسم شرطة الأزبكية دون مراعاة لحرمة الشهر الكريم الذى تصفد فيه الشياطين إلا شيطان الجماعة لم يجد من يصفده. ***  هنا يجب التفرقة بين السلوك الجمعى للعناصر التى توجهت للمشاركة فى الاعتصام قادمة من كل المحافظات وقد صحبت معها أسرًا وزوجات وأطفالًا، ليس فقط استجابة للتكليف التنظيمى بل اتقاء لحالة الغضب الشعبى التى طالت بعض البيوت الإخوانية فى القرى والنجوع، والتى تدل على أنها بحق ثورة شعبية، نقول وجب التفرقة بين سلوك الأعضاء وسلوك القيادات التى تعاملت وما زالت بأسلوب عنصرى استعلائى مع اعتصام رابعة باعتباره الأرقى والأكثر تأثيرًا لكونه قد ضم القيادات العليا وذويهم، حتى حجم الإنفاق ونوعية الطعام والاهتمام الإعلامى تفوق على اعتصام النهضة الذى تم التعامل معه فى الوعى الجمعى الإخوانى باعتباره قد ضم جمهور الدرجة الثالثة دليلًا على العنصرية الإخوانية حتى مع المتعاطفين معها.

ليس هذا فحسب بل وجب التوقف عند سلوك القيادات التى كشفت عن نفسية إخوانية لا تقيم وزنًا للدماء أو للأرواح مقابل بقاء التنظيم الذى أصبح يمثل خضوعًا لحالة وثنية تعكس خللًا عقائديًا جسيمًا لدى هذا التنظيم.

 ليس هنا المقصود إعادة البحث فى المسئولية عن الدماء، فالجريمة الإخوانية ثابتة منذ قرارها بالخروج عن الدولة حتى قبل العزل، التجمع بدأ قبل ٣٠ يونيو كدليل واضح على أن الرئيس الذى لم يكن قد عزل بعد ينتهج نهجًا ثابتًا فى الخروج عن الدولة التى كان يحكمها آنذاك باستخدام ميليشيات التنظيم الذى ينتمى إليه ظنًا أنها ستنجح فى إرهاب الدولة أو إرهاب الجموع الثائرة، وهى نفس الميليشيات التى كان قد استخدمها من قبل ضد الثائرين على إعلانه غير الدستورى الذى أصدره خلال شهر نوفمبر عام ٢٠١٢.

عموم السلوك الإخوانى يعبر عن حالة تنظيمية لا تتسق مع مفردات الدولة، لقد عزل محمد مرسى نفسه عن الدولة وعن الشرعية قبل أن يعزله الشعب عن الحكم، فخرجت ثورة ٣٠ يونيو ليس للمبادرة بفرض واقع ثورى إنما لإقرار وتوثيق هذا الواقع جماهيريًا وإعلاميًا بعد أن بادر هذا التنظيم باختيار الخروج عن الشرعية منذ أحداث الاتحادية، لذلك فإن السند المزعوم للاعتصام وهو الدفاع عن الشرعية هو مفقود أساسًا.

***

   لقد كنّا أمام أكبر تجمع إرهابى مسلح عرفه التاريخ، نظمته جماعة غير شرعية، ومارست خلاله كل أشكال الخروج عن الشرعية لتطالب بعودة الشرعية، الحالة فى عمومها، باطل مبنى على باطل.

هذا الخروج عن الدولة لم يكن أبدًا اضطراريًا، بل اختيارًا تنظيميًا مقصودًا هدفه الاستثمار فى الدماء من أجل ضمان إعادة بناء التنظيم، الذى كان قد تصدع بفعل قوة الهتاف الشعبى المنادى بسقوط حكم المرشد فى الشوارع والميادين.

تخيل الحالة النفسية المسيطرة على حركة التنظيم، لدرجة أن توحى لكهنة مكتب الإرشاد أن حياة التنظيم يمكن أن تقوم على جثة أعضائه وكوادره، بهذا الاضطراب والخلل النفسى والإنسانى ظنت الجماعة أنها قادرة على مواجهة الدولة المصرية، فانهار التنظيم بقرار من التنظيم.

أظن أننا أجبنا على السؤال الذى فرضناه على أنفسنا فى بداية المقال، ولم نجد حرجًا سياسيًا فى طرحه أو حتى التصدى له استنادًا إلى يقيننا أننا على الجانب الصحيح، وأنه لو عاد الزمن ألف مرة فإن قرار فض هذا الاعتصام هو أصح وأصدق قرار اتخذته الدولة لاستئصال هذا الورم السرطانى الذى كان هدفه أن يستشرى فى جسد الوطن حتى يسقطه.

اليوم ونحن نقف بعيدًا عن الحدث بمسافة عشر سنوات أضحت الرؤية أوضح، وتأكدت سلامة الموقف والمقصد ونستطيع أن نعلق ذنب ما جرى ومسئولية الدماء التى سالت فى رقبة جماعة الإخوان وقيادتها ونحن مطمئنون.