الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
القراءة... قراءة أخيرة

القراءة... قراءة أخيرة

هل يوجد أدنى شك أوأى رأى آخر يخالف الرأى القائل بأن القراءة غذاء للعقل والروح، تمكن صاحبها من الاطلاع على عوالم لم يزرها، ومواقف لم يمر بها، وخبرات لم يتعرض لها؟، فى الحقيقة وللأسف الشديد فإن هذا الرأى ليس من الآراء المتفق عليها، فالبعض يرى أن لا ضرورة للقراءة وأن هذا مضيعة للوقت، ومن الأفضل الدخول إلى معترك الحياة والتعامل معها، وهذا يكفى للحصول على الخبرات المطلوبة، أما من يعتبر القراءة غذاء للروح، فالبعض يرى أن روحه قد تغذى من خلال أغنية أو فيلم أو مسلسل أو من خلال لقاء الأصدقاء سواء فى الحياة الواقعية أو فى العالم الافتراضى عبر شبكات التواصل الاجتماعى وتطبيقاتها المختلفة.



نعود إلى القراءة، فنجد بعض الآراء تتحدث عن عدم وجود وقت كافٍ وسط مشاغل الحياة المتسارعة لكى يستطيع المرء الجلوس هادئًا ممسكًا بكتاب ليقرأه ،والبعض الآخر يرى أن ارتفاع أسعار الكتب أصبحت حائلًا بينه وبين اقتناء ما يريد، البعض الآخر يلجأ إلى الكتب الإلكترونية- وخاصة الشباب- بين المسئولية الأخلاقية لقراءة الكتب المنسوخة بصيغة الـPDF ضاربًا بذلك عرض الحائط بقوانين الملكية الفكرية وحق المؤلف ودار النشر وهو أمر يحدث أيضًا فى حالة الكتب الورقية المطبوعة بصورة غير قانونية أيضًا والتى يطلق عليها «طبعات شعبية»، والجانب الآخر لقراءة الكتب الإلكترونية متعلقًا بعدم ارتياح البعض وانخفاض مستويات التركيز والاستمتاع فى حالة اللجوء إلى هذه الوسيلة.

نعود إلى أشكال أخرى من المعرفة من خلال الوسائط المتعددة سواء أكان الكتاب المسموع أو مقاطع الفيديو القصيرة التى تلخص محتويات كتاب كبير فى عدة دقائق أو وجود بعض المؤثرين Influencer على شبكات التواصل الاجتماعى يقومون بتقديم محتوى ثقافى أو علمى يعطى المشاهد قدرًا من المعرفة يحسب معه أن هذا كافيًا خاصة أن هذا المحتوى يكون براقًا وسريعًا يمكنه من التعرف على محتوى كبير فى وقت قصير مقارنة بالأسلوب التقليدى من خلال القراءة.

الإشكالية الأخرى الأكثر خطورة أنه حتى وفى حالة الاستسلام لقراءة كتاب مطبوع فإن محتوى الكتاب قد لا يكون مناسبًا أو دقيقًا أو هادفًا أو مفيدًا فبعض الكُتاب يلجئون إلى شبكة الإنترنت أو إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعى أو إلى التقليد أو الاصطناع وذلك لتقديم محتوى كبير حجمًا وقليل نفعًا وعليه فإن القراءة بمعناها المروج وهدفها الأسمى أصبحت بالفعل أقل ما يمكن فى هذا العصر وهى قضية خطيرة تحتاج إلى دراسة تفصيلية ،وآليات للمكافحة تحتاج  أولًا: إلى دراسات متخصصة مستفيضة وثانيا: إلى أن تتم قراءتها ثم تحتاج بعد ذلك إلى التطبيق الفعلى وهى أمور أراها فى غاية الصعوبة فى عصرنا الحالى.