الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الذكاء الاصطناعى بين الفائدة والتلاعب

الذكاء الاصطناعى بين الفائدة والتلاعب

لا أحد يستطيع أن ينكر دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى تسهيل الحياة على البشر، فميكنة العمليات وتخزين البيانات واسترجاعها وأدوات الاتصال فائقة السرعة والكفاءة ساهمت فى تدعيم وزيادة كفاءة جميع مناحى الحياة، مثال بسيط على ذلك إذا تابعنا انتشار محتوى مكتوب يدويًا أو حتى مطبوع بعد اختراع آلة الطباعة  بالطرق التقليدية وكيف أنه لا يمكن مقارنته بالمحتوى الرقمى الذى ينتقل عبر الشبكات من مشارق الأرض إلى مغاربها فى ثوانِ معدودة ويطلع عليه ملايين من البشر بسهولة ويسر.



النموذج السابق لانتشار المحتوى لم يتطرق إلى مدى صحة المحتوى من عدمه وهو أمر متشعب لا يمكن تناوله بالتفصيل فى هذه المساحة الصغيرة ولكن القول ببساطة إن سلامة المحتوى تعتمد على الكثير من العوامل منها دقة المعلومات والبيانات ومدى شموليتها كما يشمل الأمر أيضًا توقيت الإتاحة وأسلوب التناول والعرض وهى أمور أفرزت العديد من الإشكاليات منها درجة المصداقية والصحة وصولًا إلى الأخبار المغلوطة والكاذبة والشائعات أيضًا.

الإشكاليات السابق الإشارة إليها تعرض لها مستخدمو شبكة الإنترنت بكثرة منذ إنشائها وتزايدت كثيرًا فى العقدين الماضيين بعد انتشارها وزيادة أعداد التطبيقات وقواعد البيانات والمستخدمين والحقيقة أن تلك الإشكاليات استمرت فى مستوى مقبول من الخطورة، حاول الكثيرون التعامل معها من خلال آليات متعددة حتى وصلنا إلى عصر الذكاء الاصطناعى وهو العصر الذى أصبح فيه المحتوى مولدا من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعى وليس من خلال العقل البشرى الموضوعى أو حتى المنحاز، وهنا نجد أن الأمر قد أصبح خطيرا بالفعل، فالانحياز والتلاعب فى النتائج أصبح مهولًا، يكفى أن نعرف أن تلك الأنظمة قادرة على توليد محتوى مختلف وطرح آراء مختلفة عند الإجابة عن نفس السؤال وذلك بناء على خصائص المستخدم الذى يطرح السؤال، كما أن أدوات الذكاء الاصطناعى تعمل طوال الوقت على إيجاد ارتباطات وعلاقات بين البيانات بعضها يستطيع الإنسان بعقله العادى أن يصل إليها، والبعض الآخر يكون غائبًا عنه تمامًا، والخطورة هنا تكمن فى أن تلك الأنظمة تعامل كل تلك العلاقات المولدة بنفس الأسلوب والاعتبار ،فعلى سبيل المثال يشير مكتب تعداد الولايات المتحدة

(United States Census Bureau) إلى أن نسبة الأطباء من الذكور بالولايات المتحدة هو 79.8% مقارنة بنسبة الإناث العاملات فى نفس المجال والتى تبلغ 20.2% فقط وهذه الإحصائية إذا حاولنا إدخال خصائص أخرى لعينة من الأطباء مثل كم هى النسبة منهم التى ترتدى نظارة طبية فإذا كانت على سبيل المثال 80% فإن أنظمة الذكاء الاصطناعى قد تقدم نتيجة مفادها أن طلاب المدارس الثانوية الذين يرتدون نظارات طبية هم الأكثر احتمالية لأن يصبحوا أطباء وهى نتيجة غير سليمة بل مضحكة أيضًا.

من صور التلاعب الأخرى هى ما تحدث نتيجة لأن البيانات المدخلة إلى تلك الأنظمة لا تكون موضوعية أى تكون منحازة أو أن يتم برمجة الخوارزميات لتتغاضى عن مجموعة من عناصر البيانات فى مقابل الاهتمام بعتاصر أخرى مما يجعل النتائج النهائية منحازة أيضًا وهنا تكمن الخطورة الحقيقية لأنظمة الذكاء الاصطناعى وخاصة أن المستخدم النهائى لها لا يكون على دراية ولا توجد وسيلة يستطيع من خلالها التعرف على البيانات المدخلة ولا على كيفية عمل الخوارزميات المستخدمة لمعالجة تلك البيانات.