السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من علماء الأندلس... ابن زهر

من علماء الأندلس... ابن زهر

هو أبومروان عبدالملك بن زهر طبيب وجراح وصيدلى أندلسى مشهور ولد فى عام 1191م فى سيقيل بالأندلس ودرس الطب فى جامعة قرطبة عام 1131م، ينتمى إلى عائلة أنجبت خمسة أجيال من الأطباء من بينهم طبيبتان اللتان مارستا الطب فى بلاط أبويوسف يعقوب .وابن زهر هو أيضًا أستاذ ابن رشد ومعلّمه فى الطب. فى عام 1130م وقع خلاف بينه وبين حاكم المرافدين على بن يوسف وفر من سيقيل من الأندلس إلى مراكش ولكن قبض عليه هناك وأودع فى السجن ثم أفرج عنه ورجع إلى سيقيل فى الأندلس وقضى بقية حياته فى ممارسة الطب وتدريسه حتى توفى عام 1161م.



يُعتبر ابن زهر من أشهر أطباء عصر النهضة الإسلامية واُعتبر بواسطة المؤرخين أنه أعظمهم وبخلاف معظم علماء النهضة الإسلامية الذين كانوا متخصصين فى أكثر من علم، تخصص ابن زهر فقط فى علم الطب والجراحة وبذلك كان إنتاجه فى هذا التخصص وفيرًا ومؤثرًا فى تاريخ الطب الحديث. أما عن إنجازاته فيعتبر ابن زهر أبوالجراحة التجريبية فهو الذى أجرى العمليات التشريحية والجراحية على الحيوانات قبل إجرائها على الإنسان، وهو أول من أجرى التشريح على جسم الإنسان ودراسته، وهو الذى طوّر عملية الشق الحنجرى للمرضى الذين يتعرضون للاختناق ولقد أجراها على الماعز قبل إجرائها على المرضى، وقدّم نظامًا جديدًا للوقاية من التهابات الجهاز البولى وكيفية المحافظة على هذا النظام من خلال نظام غذائى محدد.

وابن زهر أول من أضاف كثيرًا لعلم الجراحة وجعله تخصصًا مستقلًا بذاته ووضع برنامجًا تدريبيًا للأطباء الراغبين فى ممارسة الجراحة مستقبلاً، وهو أول من وصف نظام التغذية بالوريد بواسطة إبرة من الفضة وألّف كتابًا عن طريق التغذية بالوريد، ووصف أيضًا تغذية المريض عن طريق المرىء والمستقيم فى حالات استحالة التغذية عن طريق الفم، وهو أول من أثبت أن مرض الجرب سببه نوع من الطفيليات ووصف العلاج له واعتبر أبوعلم الطفيليات الحديث. هو أيضًا أول من استعمل التخدير هو وأبو القاسم الزهراوى لإجراء الجراحات بواسطة الاستنشاق بمواد مخدرة توضع على الأنف بواسطة الإسفنج. وهو أول من وصف السكتة الدماغية وصفًا دقيقًا وأيضًا الالتهاب السحائى وأورام الرئتين والصدر والتهاب الأذن الوسطى والتهاب غلاف القلب والتهاب التامور، وأضاف أدوية لعلاج هذه الحالات. ومن مؤلفاته «كتاب التيسير فى المداواة والتدبير» ولقد ألّفه بناء على طلب تلميذه ابن رشد  ويُعطِى هذا الكتاب فكرة مبسطة وواضحة عن الأمراض المختلفة وطرق تشخيصها وعلاجها، ومن كتبه أيضًا كتاب «الاقتصاد فى إصلاح النفوس والأجساد» ذكر فيه الأمراض المختلفة وطرق علاجها والوقاية منها بأسلوب مبسط جدًا وكُتب خصيصًا لصالح المواطن العادى ويحتوى أيضًا جزءًا عن علم النفس، ومن كُتبه المشهورة «كتاب الأغذية» يصف فيه جميع طرق وأنواع الأغذية للأصحاء والمرضى وتأثيرها على الصحة، وهو أيضًا مؤلف موسوعة علم الأدوية (الفارماكوبيا) للأدوية المفردة والمركبة واُعتبرت مرجعًا لتدريس علم الصيدلة فى أوروبا. اهتم ابن زهر بالطب الإكلينيكى وكيفية التشخيص للأمراض المختلفة والتفرقة بين الأمراض للوصول الى التشخيص السليم، ولقد تُرجمت كتبه الى اللاتينية، وكانت لها نفوذ وشهرة كبيرة فى أوروبا واُعتبرت مرجعًا لتدريس الطب الإكلينيكى والجراحة وممارسته حتى القرن الثامن عشر.